Hot Posts

6/recent/ticker-posts

تطور الحدود السياسية للجزائر عبر العصور: رحلة عبر التاريخ والجغرافيا السياسية


تطور الحدود السياسية للجزائر عبر العصور: رحلة عبر التاريخ والجغرافيا السياسية

مقدمة:

تعد الحدود السياسية للدول بمثابة الشواهد الحية على مسارات تاريخية طويلة ومعقدة، فهي ليست مجرد خطوط جغرافية تفصل بين كيانات سياسية، بل هي تجسيد لتفاعلات عميقة تشمل الأبعاد السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية. إن فهم تطور الحدود الجزائرية يكتسب أهمية خاصة، كونه يكشف عن الديناميكيات التي شكلت هذا الكيان الوطني عبر آلاف السنين، ويساعد على استيعاب علاقاته الإقليمية والدولية الراهنة. فمنذ فجر التاريخ، شهدت الأرض التي تقوم عليها الجزائر اليوم تحولات جذرية في حدودها ونطاقها الجغرافي.

يتميز تاريخ الجزائر القديم بتعاقب الحضارات والممالك، بدءًا من التواجد البشري الأول، مرورًا بالممالك النوميدية العريقة، ثم الجزائر خلال الحكم الروماني والبيزنطي، وصولاً إلى الجزائر تحت الفتح الإسلامي الذي أعاد تشكيل المنطقة ضمن إطار حضاري جديد. وخلال هذه العصور، برزت دول وإمارات إسلامية كبرى مثل الدولة الزيرية، والدولة الحمادية، والدولة الموحدية التي وحدت أجزاء واسعة من المغرب العربي والأندلس، ثم الدولة الزيانية التي اتخذت من تلمسان حاضرة لها. كل هذه الكيانات ساهمت، بدرجات متفاوتة، في رسم معالم أولية لما سيصبح لاحقًا المجال الجزائري.

ومع حلول الجزائر في العهد العثماني، تشكلت إيالة الجزائر ككيان سياسي يتمتع باستقلالية واسعة، وشهدت حدودها، خاصة مع الجيران شرقًا وغربًا، عمليات ترسيم وتجاذب مستمرة. إلا أن التحول الأكبر والأكثر تأثيراً في الخريطة السياسية للجزائر جاء مع الاحتلال الفرنسي للجزائر ابتداءً من عام 1830. فقد عمل الاستعمار على إعادة رسم الخرائط بشكل جذري، فارضاً حدوداً جديدة، خاصة في المناطق الصحراوية الشاسعة، ومتأثراً باعتبارات استراتيجية واقتصادية خاصة به. ولم تكن المقاومة الجزائرية وثورة التحرير الجزائرية بمعزل عن هذا السياق، بل كان النضال من أجل استقلال الجزائر نضالاً من أجل السيادة على أرض بحدودها.

يهدف هذا المقال إلى استعراض شامل ومفصل لمسيرة تطور الحدود السياسية للجزائر عبر العصور، منذ الجزائر قبل الميلاد، مروراً بـالجزائر في العهد الوسيط والجزائر في العصور الحديثة، بما في ذلك الجزائر في القرن 19، وصولاً إلى الجزائر ما بعد 1962 والجزائر في القرن 21. سنسعى إلى تحليل العوامل المختلفة التي أثرت في هذا التطور، من التوسع والانكماش الترابي، إلى دور الاستعمار وتغيير الخرائط، ومفهوم الحدود المصطنعة في إفريقيا، وتأثير الاتفاقيات الدولية وترسيم الحدود. كما سنتطرق إلى الجغرافيا السياسية للجزائر والجغرافيا السياسية للمغرب العربي بشكل عام، والصراعات الحدودية في شمال إفريقيا، مع إيلاء اهتمام خاص للحدود مع دول الجوار كـالحدود الجزائرية مع المغرب وما ارتبط بها من النزاع الحدودي الجزائري المغربي، والحدود الجزائرية التونسية، والحدود الجزائرية الليبية، والنزاعات المحتملة أو التفاهمات حول النزاع الحدودي مع مالي والنيجر. إنها رحلة عبر تطور الخريطة السياسية للجزائر، لفهم كيف تشكلت حدود اليوم، وما هي الآثار المترتبة على ذلك.


الفصل الأول: جذور التشكل الحدودي القديم (ما قبل القرن السابع الميلادي)

1.1. الجزائر في عصور ما قبل التاريخ وبدايات التاريخ: الإنسان الأول والنوميديون الأوائل

يمتد الوجود البشري في المنطقة التي تشكل اليوم الجزائر إلى عصور سحيقة، حيث تشير الاكتشافات الأثرية في موقع تيغنيف (معسكر حالياً) إلى حضور إنساني يعود إلى حوالي 500,000 سنة. كما أن الرسوم الصخرية البديعة في منطقة الطاسيلي ناجر، والتي


تؤرخ بنحو 5,000 سنة قبل الميلاد، تقدم لمحة عن الحياة والثقافة السائدة في تلك الفترة المبكرة.1 هؤلاء السكان الأوائل، الذين شكلوا النواة البشرية الأولى لهذه الأرض، أُطلقت عليهم تسميات مختلفة عبر التاريخ، من أشهرها "النوميديون".1

إن هذا العمق التاريخي للحضور الإنساني يعني أن المنطقة لم تكن يوماً فراغاً جغرافياً، بل كانت مأهولة بسكان أصليين طوروا أساليب حياتهم وتكيفوا مع بيئتهم. ورغم غياب مفهوم "الدولة" أو "الحدود السياسية" بالمعنى الحديث في تلك العصور الغابرة، فإن وجود مجموعات بشرية مستقرة أو شبه مستقرة، مثل النوميديين، يشير إلى نشوء تنظيمات اجتماعية أولية وتحديد ضمني لمناطق النفوذ والحركة. هذه الاستمرارية البشرية والثقافية في المنطقة، رغم تعاقب المؤثرات الخارجية لاحقاً، قد تكون أحد العوامل التي أسهمت في تشكيل هويات محلية وروح مقاومة تجاه القوى الغازية عبر التاريخ. فكرة الانتماء إلى "أرض" معينة، حتى وإن لم تكن محددة بخطوط دقيقة، شكلت الأساس الذي ستُبنى عليه لاحقاً مفاهيم أكثر تحديداً للوطن والحدود.

في غياب حدود سياسية مرسومة ومعترف بها بشكل رسمي، لعبت المعالم الجغرافية الطبيعية دوراً حاسماً في تحديد النطاقات الحيوية للمجموعات البشرية المختلفة. فالأنهار الكبرى، والسلاسل الجبلية، وامتدادات الصحراء، كانت بمثابة فواصل طبيعية أو مناطق تماس بين مختلف القبائل النوميدية أو بينهم وبين جيرانهم. هذا الاعتماد على الحدود الطبيعية سيظهر بوضوح في الفترات اللاحقة، حيث ستُعتمد العديد من هذه المعالم كخطوط فاصلة في ترسيم الحدود الإدارية والسياسية.

1.2. الممالك النوميدية وحدودها الأولية

شهدت الفترة الممتدة من الألف الأول قبل الميلاد تحولات سياسية هامة في شمال إفريقيا، مع وصول الفينيقيين وتأسيسهم لمستوطنات تجارية، أبرزها قرطاج التي أصبحت قوة بحرية وتجارية كبرى. ففي حوالي عام 1250 ق.م، وصل القرطاجيون وأسسوا مراكز مثل هيبون (عنابة حالياً) وأوتيك.1 ودخلت روما، القوة الصاعدة في غرب المتوسط، في علاقات معقدة مع قرطاج، تراوحت بين المعاهدات التجارية (مثل معاهدة 510 ق.م التي اعترفت فيها روما بالسيطرة التجارية لقرطاج على غرب المتوسط، ومعاهدات 348-306 ق.م) والحروب الطاحنة، المعروفة بالحروب البونية (264-146 ق.م).1

في هذا السياق الإقليمي المضطرب، برزت الممالك النوميدية ككيانات سياسية أمازيغية ذات أهمية متزايدة. خلال القرن الثالث قبل الميلاد، كانت الخريطة السياسية لشمال إفريقيا تضم، إلى جانب قرطاج، مملكتين نوميديتين رئيسيتين: نوميديا الشرقية (الماسيليين)، والتي كانت خاضعة لنفوذ قرطاجي كبير، ونوميديا الغربية (الماسيسيليين)، التي حكمها الملك سيفاكس. وإلى الغرب من نوميديا، قامت مملكة موريتانيا (في المغرب الحالي تقريباً). هذه الكيانات السياسية الأربعة هي التي أسست المعالم الجغرافية والسياسية الأولى للمنطقة، مما أدى إلى تشكيل ممالك مستقلة أو شبه مستقلة ذات حدود معينة.2

لعب ملوك نوميديون بارزون دوراً محورياً في تاريخ المنطقة. الملك ماسينيسا، الذي حكم نوميديا الشرقية، استطاع بعد تحالفه مع روما خلال الحرب البونية الثانية، وبعد هزيمة قرطاج وحليفتها نوميديا الغربية بقيادة سيفاكس، أن يوحد المملكتين النوميديتين تحت حكمه حوالي عام 203 ق.م. هذا التوحيد أدى إلى قيام "نوميديا الكبرى"، وهي مملكة قوية ومترامية الأطراف ساهمت بشكل كبير في تشكيل الملامح الجغرافية لما يعرف اليوم بالجزائر.2 امتدت مملكة ماسينيسا الموحدة على مساحة واسعة، وكانت لها حدود معترف بها من قبل القوى المعاصرة.

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

"منذ اكثر من 23 قرن نلقى من يقول على حدود نوميديا بانها كانت معروفه وواضحه فقد كان يحدها شمالا البحر المتوسط وجنوبا اراضي الجيتول اللي هما السمر. وشرقا نهر توسكا وغربا نهر ملويه فحدود نوميديا كانت على هذا الامتداد في مصادر التاريخ وهذا يدل على اصاله وعراقه الحدود الجزائريه اللي تمتد جذورها عبر التاريخ ويوضح ايضا كيف انه اطراف الدوله الجزائريه وحدودها ليست نتيجه تقسيم الاستعمار وليست حديثه النشاه بل انها ترتكز على اسس تاريخيه راسخه تعود الى اكثر من 20 قرن." 3

</div>

هذه الحدود، التي اعتمدت بشكل كبير على معالم طبيعية، لم تكن مجرد ترسيمات فرضها الاستعمار لاحقاً، بل كانت لها جذور تاريخية عميقة. كانت نوميديا، خاصة في عهد ماسينيسا وخلفائه، مملكة ذات سيادة، معترف بها من قبل القوى الكبرى آنذاك مثل روما واليونان وقرطاج، وحتى مملكة موريتانيا المجاورة، وكانت لاعباً فاعلاً في السياسة الإقليمية.3 الأنهار مثل نهر ملوية غرباً ونهر توسكا (الذي قد يشير إلى واد مجردة أو أنهار أخرى في الشرق) شرقاً، شكلت معالم حدودية طبيعية هامة بين نوميديا وجيرانها.2

إن التأكيد على هذه الأصالة التاريخية للحدود، وخاصة الحدود الغربية المتمثلة في نهر ملوية والحدود الشرقية، يكتسب أهمية بالغة في فهم تطور الحدود السياسية للجزائر. فهو يوضح أن فكرة وجود كيان سياسي له مجال جغرافي محدد في هذه المنطقة ليست وليدة العصور الحديثة أو نتيجة للتقسيمات الاستعمارية فحسب، بل لها جذور تمتد لآلاف السنين. الاستعمار اللاحق، سواء الروماني أو الفرنسي، عمل في كثير من الأحيان على تعديل أو تثبيت حدود كانت لها بالفعل أسس تاريخية وجغرافية قائمة.

لم تكن حدود نوميديا ثابتة بشكل مطلق، بل كانت تتأثر بشكل مباشر بعلاقاتها مع القوى الإقليمية. التحالفات، مثل تحالف ماسينيسا مع روما، أدت إلى توسع مملكته، بينما الصراعات، مثل الحروب اليوغرطية (111-105 ق.م) بين الملك النوميدي يوغرطة والرومان 1، أدت في النهاية إلى تغيرات جذرية في وضع نوميديا السياسي. هذا يوضح أن الحدود في تلك الفترة كانت ديناميكية، تعكس موازين القوى والتحولات السياسية والعسكرية في حوض البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، فإن استمرار ذكر معالم طبيعية معينة، كنهر ملوية، كخطوط فاصلة عبر فترات تاريخية مختلفة، يشير إلى أهميتها الراسخة كمرتكزات جغرافية للحدود.

1.3. الجزائر تحت الحكم الروماني والبيزنطي

بعد انتهاء الحروب اليوغرطية وهزيمة يوغرطة، ثم الصراعات الداخلية الرومانية التي امتدت إلى شمال إفريقيا، خضعت نوميديا بشكل كامل للحكم الروماني المباشر، وأصبحت ملحقة رومانية رسمياً في عام 46 ق.م..1 هذا التحول لم يمحِ الكيان النوميدي تماماً، بل أدى إلى إعادة تنظيم إداري واسع النطاق للمنطقة ضمن الإمبراطورية الرومانية. امتدت حدود ما كان يعرف بنوميديا الرومانية من شرق نوميديا التقليدية، وأطلق الرومان على جزء كبير من شمال إفريقيا اسم "إفريقيا".5

خلال فترة الحكم الروماني الطويلة، التي امتدت من القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الخامس الميلادي، تم تقسيم شمال إفريقيا إلى عدة مقاطعات إدارية. من أبرز هذه التقسيمات التي تهم تاريخ الحدود الجزائرية هو تقسيم المنطقة الواقعة غرب "إفريقيا البروقنصلية" (التي شملت أراضي قرطاج السابقة، أي تونس الحالية تقريباً) إلى مقاطعتين رئيسيتين: موريطانيا القيصرية (نسبة إلى عاصمتها قيصرية، شرشال الحالية)، والتي غطت جزءاً كبيراً من وسط وغرب الجزائر الحالية، وموريطانيا الطنجية (نسبة إلى عاصمتها طنجة)، والتي شملت شمال المغرب الحالي.4

من اللافت للنظر أن الحد الفاصل الذي اعتمده الرومان بين هاتين المقاطعتين، موريطانيا القيصرية وموريطانيا الطنجية، كان هو نهر ملوية.4 وقد ذكر الجغرافي الشهير بطليموس في القرن الثاني الميلادي أن "نهر ملوى يفصل بين الموريطانيتين" (Flumen malva dirimit Mauretanias duas). ويؤكد المؤرخ الفرنسي بروجر حديثاً أن هذا الحاجز الطبيعي الذي يمثله نهر ملوية كان واضحاً بما يكفي لتمييز الكيانين، مما دفع الرومان إلى ربط موريطانيا الطنجية إدارياً بإسبانيا، بينما بقيت موريطانيا القيصرية وبقية شمال إفريقيا تتبع إدارياً إفريقيا البروقنصلية.4 هذا الاستمرار في اعتماد نهر ملوية كحد فاصل، حتى في ظل التقسيمات الإدارية الرومانية، يعزز فكرة أن بعض الحدود الطبيعية تفرض نفسها على التنظيمات السياسية المتعاقبة.

أما بالنسبة للحدود الشرقية لنوميديا الرومانية (أو ما أصبح يعرف بمقاطعة نوميديا ضمن إفريقيا الرومانية)، فقد كانت أكثر تعقيداً. تشير المصادر إلى أن الخط الفاصل بين ما عُرف بـ"إفريقيا القديمة" (Africa Vetus) و"إفريقيا الجديدة" (Africa Nova) كان يبدأ من مصادر نهر الأسكا (ربما وادي مجردة أو أحد روافده) بالقرب من طبرقة شمالاً، ويمتد جنوباً حتى مدخل خليج قابس (السرت الصغرى). ومن الناحية الغربية لمقاطعة نوميديا، كان الخط الفاصل مع موريطانيا القيصرية يبدأ شمالاً في منطقة تقع بين غرب هيبون (عنابة) وشرق روسيكادا (سكيكدة)، ويمر جنوباً عبر مدينة كَلاَما (قالمة).5 ومع ذلك، فإن النهايات الجنوبية لهذه الحدود الإدارية الرومانية ظلت غير محددة بدقة، ويرجع ذلك إلى طبيعة المناطق الصحراوية الشاسعة ووجود قبائل أمازيغية رحل تتنقل باستمرار، مما جعل السيطرة الرومانية المباشرة والترسيم الدقيق للحدود في تلك المناطق أمراً صعباً.5 هذا التحدي في السيطرة على الجنوب وتحديد حدوده سيستمر كسمة مميزة لتاريخ المنطقة حتى العصور الحديثة.

على الرغم من التقسيمات الإدارية التي فرضتها روما، والتي كانت تهدف في المقام الأول إلى خدمة مصالحها الإدارية والعسكرية والاقتصادية، فإن الهويات والكيانات المحلية لم تُمحَ بالضرورة بشكل كامل. فبعد ضعف الإمبراطورية الرومانية وسقوطها في الغرب، وخلال فترات الاضطراب التي شهدت الاحتلال الوندالي لشمال إفريقيا (429-430 م) ثم الاستعادة البيزنطية (533-646 م) 1، استمرت بعض الممالك أو الإمارات الأمازيغية المحلية في الظهور أو الحفاظ على درجة من الاستقلالية في المناطق الداخلية والجبلية. ويشير بعض المؤرخين إلى أن مملكة تلمسان، التي ستبرز لاحقاً في العصور الإسلامية، يمكن اعتبارها امتداداً أو إحياءً للتقاليد السياسية النوميدية.2 هذا يدل على أن الحدود الإدارية المفروضة من الخارج لم تكن دائماً قادرة على طمس الديناميكيات المحلية والانتماءات الإقليمية التي ستعاود الظهور كقوى فاعلة في تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة.


الفصل الثاني: تشكل الدول الإسلامية وتأثيرها على الخريطة السياسية (القرن السابع – القرن الخامس عشر)

2.1. الفتح الإسلامي وإعادة تشكيل المغرب الإسلامي

شكل وصول طلائع الفتح الإسلامي إلى شمال إفريقيا في منتصف القرن السابع الميلادي، بقيادة شخصيات بارزة مثل عقبة بن نافع حوالي عام 647 م 1، نقطة تحول جذرية في تاريخ المنطقة، ليس فقط على الصعيد الديني والثقافي، بل وأيضاً على الصعيد السياسي والجغرافي. فبعد قرون من السيطرة الرومانية ثم البيزنطية، دخلت المنطقة في فلك حضارة جديدة ودولة مركزية ناشئة.

أصبح شمال إفريقيا، بعد استكمال الفتح، يُعرف ككيان جغرافي وحضاري واحد باسم "المغرب الإسلامي". وقد جرت العادة على تقسيم هذا المغرب الإسلامي، من قبل الجغرافيين والمؤرخين المسلمين، إلى ثلاثة أقاليم رئيسية: المغرب الأدنى، ويشمل تقريباً تونس الحالية وأجزاء من شرق الجزائر وليبيا؛ والمغرب الأوسط، ويمثل قلب الجزائر الحالية؛ والمغرب الأقصى، وهو ما يقابل المغرب الحالي.4 هذا التقسيم، وإن كان جغرافياً في الأساس، عكس أيضاً تمايزات إدارية وسياسية ظهرت لاحقاً.

لم يقتصر تأثير الفتح الإسلامي على شمال إفريقيا، بل امتد جنوباً عبر الصحراء الكبرى، حيث انتشر الإسلام تدريجياً في مناطق أفريقيا الغربية والوسطى. ولعب المرابطون، الذين ظهروا في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، دوراً محورياً في توسيع نطاق انتشار الإسلام في غرب أفريقيا، وأسسوا هناك دولاً وممالك إسلامية قوية.6 هذا الامتداد جنوباً، الذي اعتمد بشكل كبير على شبكات التجارة القوافلية والدعوة السلمية، كان له تأثير غير مباشر على مفهوم "عمق" الدول الشمالية، حيث أصبحت الواحات ومراكز التجارة الصحراوية نقاط ارتكاز هامة لنفوذها، وإن لم تترجم دائماً إلى حدود سياسية مرسومة بدقة.

على الرغم من الإطار الحضاري والديني الموحد الذي أوجده الفتح الإسلامي، فإن الوحدة السياسية للمغرب الإسلامي لم تدم طويلاً. فسرعان ما بدأت تظهر دول وإمارات مستقلة أو شبه مستقلة، مستفيدة من اتساع رقعة الخلافة الإسلامية وصعوبة السيطرة المركزية المباشرة على الأطراف البعيدة. كما لعبت العوامل المحلية، مثل العصبيات القبلية، والطموحات السياسية للزعامات المحلية، والخلافات المذهبية، دوراً هاماً في إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة. وهكذا، فإن الفتح الإسلامي لم يؤدِ إلى فرض حدود ثابتة ونهائية، بل فتح الباب أمام مرحلة جديدة من الديناميكيات السياسية التي أنتجت بدورها حدوداً متغيرة ومتنازعاً عليها في كثير من الأحيان.

2.2. الدول المتعاقبة في المغرب الأوسط (الجزائر)

شهد المغرب الأوسط، الذي يشكل قلب الجزائر الحالية، قيام عدة دول وإمارات إسلامية متعاقبة، كان لكل منها مجالها الجغرافي وحدودها التي تأثرت بالظروف السياسية والعسكرية المحيطة.

  • الدولة الرستمية (767-909 م):
    تعتبر الدولة الرستمية، التي اتخذت من تيهرت (تيارت الحالية) عاصمة لها، من أوائل الدول المستقلة التي قامت في المغرب الأوسط بعد الفتح الإسلامي.1 تبنت المذهب الإباضي، وشكلت مركزاً تجارياً وثقافياً هاماً، وامتد نفوذها ليشمل أجزاء واسعة من الجزائر الحالية ووصل إلى مناطق في ليبيا وتونس. حدودها لم تكن دائماً واضحة المعالم، لكنها مثلت كياناً سياسياً متميزاً في المنطقة.

  • الدولة الزيرية (972-1148 م):
    بعد انتقال الخلافة الفاطمية من المغرب الأدنى إلى مصر، أسس الزيريون، وهم من قبيلة صنهاجة الأمازيغية، دولتهم في إفريقية (تونس وأجزاء من شرق الجزائر) كولاة للفاطميين في البداية، ثم استقلوا تدريجياً. امتد نفوذ الدولة الزيرية ليشمل أجزاء من الجزائر وتونس والمغرب وأجزاء من ليبيا، بل وصل تأثيرهم إلى مناطق في الأندلس وجزيرة صقلية في بعض الفترات.7
    اتخذ الزيريون عدة عواصم خلال تاريخهم: بدأت بعاصمة آشير (جنوب الجزائر العاصمة حالياً) قبل عام 995 م، ثم انتقلت إلى القيروان (995-1057 م) التي كانت المركز التاريخي لإفريقية، وأخيراً إلى المهدية (1057-1147 م) على الساحل التونسي بعد غزوات بني هلال.7
    تحديد الحدود السياسية الجزائرية ضمن الدولة الزيرية يتطلب النظر إلى فرعها الذي حكم المغرب الأوسط. فمملكة بني زيري الصنهاجية، المعروفة أحياناً بالدولة الباديسية (نسبة إلى باديس بن منصور)، امتدت أراضيها من مناطق قسنطينة وميلة غرباً حتى مشارف طرابلس شرقاً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء جنوباً. كانت هذه الدولة وريثة للدولة الأغلبية في المغرب الأدنى، ولكن بحدود مختلفة لم تكن دائماً واضحة المعالم أو ثابتة.8
    إن الاختلاف الملاحظ في الخرائط التي تصور امتداد الدولة الزيرية 7 يعكس الطبيعة الديناميكية لحدودها. هذه الحدود كانت تتأثر بشكل كبير بالولاءات القبلية المتقلبة، والصراعات الداخلية (خاصة مع فرعهم الحمادي لاحقاً)، وعلاقتهم بالخلافة الفاطمية التي شهدت توتراً ثم انفصالاً كاملاً. كما أن غزوات القبائل الهلالية في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي أحدثت اضطراباً كبيراً وأدت إلى تقلص نفوذ الزيريين في الداخل وانحصارهم في المدن الساحلية. وبالتالي، لم تكن حدود الدول في تلك الفترة خطوطاً جغرافية دقيقة بقدر ما كانت مناطق نفوذ تتوسع وتتقلص حسب موازين القوى. كما أن انتقال العاصمة من آشير في قلب المغرب الأوسط، إلى القيروان المركز التقليدي، ثم إلى المهدية الساحلية، يشير إلى تحولات في المركز السياسي والاقتصادي للدولة، وربما يعكس تغيرات في امتدادها الجغرافي وقدرتها على السيطرة على مناطق مختلفة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

  • الدولة الحمادية (1007-1152 م):
    انشق حماد بن بلكين، وهو من نفس الأسرة الزيرية، عن أبناء عمومته وأسس دولة مستقلة في المغرب الأوسط عُرفت بالدولة الحمادية. اتخذت الدولة في البداية من قلعة بني حماد (بالقرب من المسيلة حالياً) عاصمة لها، وهي مدينة محصنة أصبحت مركزاً تجارياً وثقافياً هاماً. لاحقاً، انتقلت العاصمة إلى بجاية الساحلية، التي ازدهرت كمركز تجاري وعلمي.
    امتدت حدود الدولة الحمادية بشكل كبير في أوج قوتها. فمن الشمال، كانت تطل على البحر الأبيض المتوسط. ومن الجنوب، وصل نفوذها إلى مناطق الزاب (بسكرة وما حولها) ووادي أريغ (ورقلة).8 أما من الشرق، فكانت حدودها مع الدولة الزيرية تمر بمنطقة الحضنة. وغرباً، امتدت لتصل إلى تيهرت، حيث كانت تجاور مناطق نفوذ المرابطين.8 وقد ورث الحماديون جزءاً من أراضي الدولة الرستمية السابقة، مع توسعات وانحسارات في بعض الجهات حسب الظروف.8 وتشير بعض المصادر إلى أنه في ذروة ازدهار الدولة، امتد نفوذها من عنابة شرقاً إلى تلمسان غرباً، ووصلت أحياناً إلى إفريقية (تونس) شرقاً، بل وحتى فاس غرباً في عهد بعض الحكام الأقوياء مثل بلكين بن محمد والناصر بن علناس.9
    كان الصراع والتنافس الإقليمي، خاصة مع الزيريين ثم المرابطين، عاملاً رئيسياً في تحديد ورسم حدود الدولة الحمادية. فالحدود كانت بمثابة مناطق تماس وتنافس عسكري وسياسي. كما أن امتداد نفوذ الحماديين جنوباً إلى الواحات الهامة مثل ورقلة والزاب يؤكد على الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للطرق التجارية الصحراوية. السيطرة على هذه المناطق لم تكن مجرد توسع ترابي، بل كانت وسيلة لتعزيز قوة الدولة الاقتصادية وتأمين موارد إضافية من خلال التحكم في جزء من التجارة العابرة للصحراء.

  • الدولة الموحدية (1121-1269 م):
    انطلقت حركة الموحدين كحركة دينية إصلاحية في المغرب الأقصى على يد محمد بن تومرت، ثم تحولت إلى قوة عسكرية وسياسية كبرى بقيادة تلميذه عبد المؤمن بن علي الكومي (وهو من منطقة ندرومة بالجزائر الحالية). استطاع الموحدون القضاء على دولة المرابطين، ثم توسعوا شرقاً فقضوا على الدولتين الزيرية والحمادية، وتمكنوا من توحيد كامل بلاد المغرب (من المغرب الأقصى غرباً حتى طرابلس شرقاً، بما في ذلك الجزائر وتونس الحاليتين) والأندلس تحت راية دولة واحدة وعقيدة موحدة.11 بحلول عام 1159 م، كان الموحدون قد بسطوا سيطرتهم على كامل بلاد المغرب، وامتدت سلطتهم لتشمل جميع الأراضي الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس) بحلول عام 1172 م.12
    تمثل فترة الدولة الموحدية ذروة الوحدة السياسية في تاريخ المغرب الإسلامي. في ظل هذه الإمبراطورية الشاسعة، فقدت الحدود التي كانت تفصل بين الدول الإقليمية السابقة (مثل الزيرية والحمادية) أهميتها كحدود دولية، وتحولت إلى ما يشبه الحدود الإدارية الداخلية ضمن دولة واحدة. هذا يوضح كيف يمكن للقوى الكبرى أن تعيد تشكيل الخرائط السياسية بشكل جذري. ومع ذلك، فإن هذا "الطمس" للحدود الإقليمية كان مؤقتاً. فحتى ضمن الدولة الموحدية الموحدة، كان من الضروري وجود تقسيمات إدارية لتسيير شؤون هذه الإمبراطورية الواسعة. ومن المرجح أن هذه التقسيمات الإدارية الداخلية قد اعتمدت، في بعض الحالات، على بعض الحدود التاريخية أو الجغرافية السابقة للكيانات التي تم توحيدها. وعندما بدأت السلطة المركزية الموحدية في الضعف والانحلال خلال القرن الثالث عشر الميلادي، استغل الولاة المحليون أو برزت سلالات جديدة في هذه الأقاليم لتعلن استقلالها، مثل الحفصيين في تونس، والزيانيين في تلمسان (المغرب الأوسط)، والمرينيين في المغرب الأقصى. وهكذا، فإن فترة الوحدة الموحدية، رغم أنها ألغت الحدود الدولية السابقة، ربما حافظت على تقسيمات إدارية داخلية أثرت على شكل الدول التي خلفتها.

  • الدولة الزيانية (مملكة تلمسان) (1235-1556 م):
    بعد تفكك الدولة الموحدية، برزت الدولة الزيانية (بنو عبد الواد) في المغرب الأوسط، واتخذت من مدينة تلمسان العريقة عاصمة لها.13 شغلت هذه المملكة، التي تعتبر من أهم الكيانات السياسية في تاريخ الجزائر الوسيط، إقليماً واسعاً امتد في أوج قوته من تخوم بجاية وبلاد الزاب شرقاً إلى وادي ملوية غرباً، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى إقليم توات في الصحراء الكبرى جنوباً.14 ويذكر المؤرخ والجغرافي الحسن الوزان (ليون الإفريقي) أن حدود مملكة تلمسان غرباً كانت واد زا ونهر ملوية.4 وفي أقصى اتساع لها، وصلت حدودها الشرقية إلى نهر الصومام، وامتد نفوذها جنوباً ليشمل مراكز تجارية هامة مثل سجلماسة.13
    كانت حدود الدولة الزيانية تتميز بالتقلب وعدم الثبات الدائم، حيث كانت تتوسع وتتقلص تبعاً للظروف السياسية والعسكرية، وخاصة طبيعة علاقاتها مع جيرانها الأقوياء: الدولة الحفصية في تونس شرقاً، والدولة المرينية (ثم الوطاسية لاحقاً) في المغرب الأقصى غرباً.14 هذا الموقع بين قوتين كبيرتين جعل مملكة تلمسان في موقف دفاعي في كثير من الأحيان، وجعل حدودها بمثابة خطوط تماس ومناطق صراع دائم. فالسلطان المريني أبو يعقوب يوسف الناصر، على سبيل المثال، حاصر تلمسان لمدة ثماني سنوات (1299-1307 م) وبنى مدينة المنصورة بالقرب منها لمحاولة خنقها اقتصادياً.13 كما تدخل الحفصيون في شؤون المملكة ودعموا أحياناً مطالبين بالعرش الزياني، مما أدى إلى حروب أهلية.13 وحتى القوى الأوروبية مثل تاج أراغون كان لها نفوذ وتدخل في شؤون المملكة في أواخر القرن الخامس عشر.13 أما في الجنوب، فكانت القبائل العربية الرحل تستغل فترات ضعف الدولة لشن غارات أو للسيطرة على المراعي، مما اضطر ملوك تلمسان في كثير من الأحيان إلى مهادنتهم ودفع الإتاوات.13
    على الرغم من هذه التحديات، استمر اعتبار نهر ملوية كمعلم حدودي غربي هام لمملكة تلمسان في مواجهة المرينيين.4 هذا التأكيد المستمر على أهمية نهر ملوية كفاصل طبيعي معترف به عبر حقب تاريخية مختلفة (منذ العهد النوميدي، مروراً بالرومان، وصولاً إلى الزيانيين) يبرهن على أن بعض المعالم الجغرافية تفرض نفسها كمرتكزات أساسية للحدود السياسية.
    كما أن امتداد نفوذ الدولة الزيانية جنوباً، في أوج قوتها، ليشمل مناطق صحراوية حيوية مثل إقليم توات وواحات سجلماسة 13، يظهر الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية المتزايدة للصحراء الكبرى كممر تجاري رئيسي ومنطقة نفوذ حيوي. السيطرة على هذه المناطق لم تكن مجرد توسع ترابي، بل كانت وسيلة لتعزيز قوة الدولة الاقتصادية من خلال التحكم في طرق التجارة العابرة للصحراء التي تربط شمال إفريقيا بمناطق السودان الغربي الغنية بالذهب وغيرها من المنتجات.


الفصل الثالث: إيالة الجزائر في العهد العثماني (القرن السادس عشر – 1830)

3.1. نشأة إيالة الجزائر وتحديد مجالها الأولي

شكل القرن السادس عشر الميلادي منعطفاً حاسماً في تاريخ الجزائر والمنطقة المغاربية عموماً. فمع تزايد التهديدات الإسبانية على سواحل شمال إفريقيا، واحتلالهم لعدة موانئ هامة، بما في ذلك المرسى الكبير ووهران وبجاية، وحتى إقامة حصن أمام مدينة الجزائر نفسها 15، استنجد أعيان مدينة الجزائر بالإخوة العثمانيين خير الدين وعروج بربروس لصد هذا الخطر. وفي عام 1518، دخلت الجزائر رسمياً تحت حماية السلطان العثماني، لتنشأ بذلك "إيالة الجزائر" أو "ولاية الجزائر" ضمن الإمبراطورية العثمانية.1

بمجرد وصول القوة العثمانية وتأسيس الإيالة، كان من أولويات الحكام الجدد تأمين مجال نفوذهم وتحديد حدوده، خاصة في مواجهة القوى المعادية. وتشير المصادر إلى أن العثمانيين، إدراكاً منهم للحدود التاريخية للمغرب الأوسط التي كانت قائمة في عهد الدولة الزيانية، توجهوا غرباً حتى بلغوا حدود نهر ملوية.4 وقد لعبوا دوراً هاماً في الدفاع عن تلمسان وكامل منطقة الغرب الجزائري ضد التوسعات الإسبانية ومحاولات الاختراق من قبل الدولة السعدية في المغرب الأقصى.4

إن دخول العثمانيين إلى الجزائر لم يكن مجرد احتلال عسكري، بل جاء في جزء منه


استجابة لطلب محلي لمواجهة خطر خارجي داهم. هذا العامل أعطى لوجودهم شرعية أولية وساهم في تحديد مجال نفوذهم الأولي الذي تركز على حماية المناطق الساحلية والمدن الرئيسية التي كانت مهددة. وبالتالي، لم يكن التوسع العثماني في بداياته مشروعاً استعمارياً بالمعنى الذي عُرف لاحقاً، بل كان يهدف إلى توفير الحماية وتثبيت دعائم السلطة الجديدة. هذا السياق ساهم في تشكيل الحدود الأولية لإيالة الجزائر حول المناطق التي كانت بحاجة ماسة لهذه الحماية.

كما أن اعتماد العثمانيين على بعض المعالم الحدودية التاريخية، مثل التوجه غرباً نحو نهر ملوية، يشير إلى وعيهم بالجغرافيا السياسية للمنطقة وأنهم لم يبدأوا من فراغ تام، بل بنوا على تقسيمات ومفاهيم حدودية كانت سائدة قبل وصولهم. الإرث الحدودي للدول السابقة، وخصوصاً الدولة الزيانية التي كانت تمثل المغرب الأوسط، شكل نقطة انطلاق لتحديد مجال إيالة الجزائر، مما يؤكد على وجود عنصر من الاستمرارية، إلى جانب التغيير، في تطور الحدود السياسية للجزائر.

3.2. الحدود الشرقية: العلاقات والترسيم مع إيالة تونس

كانت العلاقة بين إيالة الجزائر وإيالة تونس، وهما ولايتان متجاورتان ضمن الإمبراطورية العثمانية، تتسم بالتعقيد، حيث تراوحت بين التعاون والتحالف في بعض الأحيان، والتنافس والصراع في أحيان أخرى. هذا التفاعل أثر بشكل مباشر على ترسيم وتثبيت الحدود بينهما.

شهدت الحدود الجزائرية التونسية عدة محاولات للترسيم والتحديد خلال العهد العثماني. ففي عام 1614، تم التوصل إلى اتفاقية، تعرف أحياناً بمعاهدة وادي سراط (أو معاهدة سرّاط)، حددت جزءاً من الحدود بين الإيالتين، وتحديداً المنطقة الممتدة بين رأس رو (على الساحل) ووادي سراط.16 وتذكر بعض المصادر معاهدة أخرى في وادي سراط عام 1628م كمعلم هام في تحديد التخوم بين الإيالتين.16

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

"في عام 1614، حددت معاهدة سراط الحدود الجزائرية التونسية بين رأس رو وادي سراط، حوالي 45 كيلومترا جنوب غرب الكاف." 17

</div>

ومع ذلك، لم تكن هذه الحدود ثابتة بشكل دائم. فالقوة العسكرية والاقتصادية لكل إيالة، وطموحات حكامها (البايات في تونس والدايات أو الباشاوات في الجزائر)، كانت تؤدي أحياناً إلى تجاوزات أو محاولات لتغيير الأمر الواقع. فعلى سبيل المثال، في عام 1807، تمكن الباي التونسي حمودة باشا من هزيمة جيوش داي الجزائر على ضفاف وادي السراط، ونتيجة لذلك، امتدت حدود النفوذ التونسي إلى ما وراء قلعة سنان في الغرب ونفطة في الجنوب.17 وتظهر خريطة تعود لعام 1707 حدوداً للدولة التونسية تختلف عن تلك التي اعتمدها المستعمر الفرنسي لاحقاً عند احتلاله لتونس عام 1881.18

إن كون الجزائر وتونس إيالتين تابعتين اسمياً للسلطان العثماني في اسطنبول لم يمنع وجود حدود واضحة بينهما، بل ونشوب نزاعات عسكرية أحياناً. هذا يشير إلى أن الإدارة المركزية العثمانية منحت درجة كبيرة من الاستقلالية الذاتية لهذه الإيالات، خاصة في إدارة شؤونها الداخلية وعلاقاتها مع جيرانها، حتى لو كانوا ولايات عثمانية أخرى. وبالتالي، كانت العلاقات البينية تحكمها أيضاً المصالح المحلية والتوازنات الإقليمية. هذا يجعل الحدود بين الإيالات العثمانية في شمال إفريقيا بمثابة حدود "شبه دولية" تعمل ضمن الإطار الإمبراطوري الأوسع.

وكما هو الحال في ترسيم الحدود في فترات أخرى، استمر الاعتماد على المعالم الجغرافية الطبيعية الواضحة. فاستخدام "وادي سراط" و"رأس رو" كنقاط مرجعية في معاهدة 1614 17 يؤكد على هذا النهج العملي. فالأنهار (الأودية) والرؤوس الساحلية والجبال كانت تشكل معالم يسهل تحديدها والاتفاق عليها كأساس لترسيم الخطوط الفاصلة، وذلك بهدف تجنب الغموض قدر الإمكان، حتى في ظل وجود سلطة إمبراطورية عليا.

3.3. الحدود الغربية: التجاذبات مع المغرب الأقصى

كانت الحدود الجزائرية مع المغرب الأقصى (الذي حكمته الدولة السعدية ثم العلوية خلال فترة إيالة الجزائر) من أكثر الحدود حركة وتغيراً، وشهدت تجاذبات سياسية وعسكرية مستمرة. كان نهر ملوية، كما أسلفنا، المعلم التاريخي الرئيسي الذي اعتبرته إيالة الجزائر حدها الغربي الطبيعي، امتداداً للإرث الحدودي للدول السابقة في المغرب الأوسط.4

فبمجرد وصول العثمانيين، توجهوا غرباً حتى بلغوا هذا النهر، ودافعوا بقوة عن منطقة تلمسان وكامل الغرب الجزائري ضد محاولات التوسع الإسباني وأطماع السعديين. وقد تم التوصل في فترة ما إلى تفاهم بين إيالة الجزائر والدولة السعدية حول الحدود ومناطق النفوذ، حيث أشارت بعض المصادر إلى أن مدينة وجدة ومحيطها كانت تعتبر حاضرة جزائرية متعارفاً عليها، بينما بدأت مناطق السيادة السعدية من إمارة دبدو وحجر بادس في الشمال.4

ومع ظهور الدولة العلوية في المغرب الأقصى، استمر اعتبار نهر ملوية كمعلم فاصل بين الطرفين حتى منتصف القرن السابع عشر. إلا أن العلويين، مستغلين فترات ضعف محتملة في الحكم العثماني بالجزائر أو انشغاله بجبهات أخرى، حاولوا مراراً الزحف شرق وادي ملوية والتوغل في الأراضي التابعة لإيالة الجزائر. وقد رد باشاوات الجزائر على هذه التعديات، ويؤكد المؤرخ الفرنسي بروجر أن الجزائريين حملوا السلاح في مناسبات عدة لإجبار المغاربة على احترام نهر ملوية كحد فاصل.4

وتشير مصادر تاريخية عديدة، بما في ذلك كتابات مؤرخين وجغرافيين ورحالة أوروبيين عاصروا تلك الفترة، إلى أن نهر ملوية كان هو الحد المعترف به بين مملكة الجزائر وإمبراطورية مراكش. فالمؤرخ مورغان في كتابه "التاريخ الكامل للجزائر" (نشر عام 1728)، والقائم بالأعمال الفرنسي لدى إمبراطور مراكش لويس ديشينيه في كتابه "البحث التاريخي عن المور وإمبراطورية مراكش" (عام 1787)، والكاتب الأمريكي جيمس ويلسون ستيفنز في "وصف تاريخي وجغرافي للجزائر" (طبع عام 1817)، والعالم الإنجليزي توماس شو في "ملاحظات جغرافية تتعلق بمملكة الجزائر" (نشر عام 1738)، وحتى "القاموس العالمي للجغرافيا التجارية" (نشر عام 1798)، كلها مصادر أكدت على أن نهر ملوية هو الذي يفصل بين الكيانين السياسيين.3

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

"ويفصل امبراطوريه مراكش عن مملكه الجزائر من الشمال نهر ملويه الذي يصب في البحر المتوسط." - لويس ديشينيه، 1787 19

</div>

ومع ذلك، فإن الضغوط العسكرية والسياسية أدت في بعض الفترات إلى تحرك الخط الفاصل الفعلي، خاصة في المناطق الجنوبية الأقل كثافة سكانية والأصعب سيطرة. فبعض المصادر تشير إلى أن السلطان المغربي محمد بن الشريف (من أوائل العلويين) قبل بالمهادنة وتعهد بعدم تجاوز وادي تافنة، مما يوحي بأن وادي تافنة (الذي يقع شرق ملوية) أصبح في فترة ما خطاً فاصلاً معترفاً به في الأجزاء الجنوبية من الحدود، بينما استمرت الحدود على ما هي عليه (عند ملوية) شمالاً.4 وفي أواخر القرن الثامن عشر، تحديداً عام 1795، تشير وثيقة إلى أن السلطان مولاي سليمان العلوي استعاد مدينة وجدة، وتنازلت إيالة الجزائر عن وهران (التي كانت تحت الاحتلال الإسباني ثم استعادتها الجزائر)، وتم ترسيم الحدود في منطقة "واد قبلة".20 هذه المعلومة الأخيرة تبدو متناقضة جزئياً مع التأكيدات المتكررة على ملوية ثم تافنة، وقد تعكس اتفاقاً محلياً أو مؤقتاً أو تغيراً في موازين القوى في تلك الفترة المحددة.

إن الصراع على الحدود الغربية لم يكن مجرد نزاع على أراضٍ، بل كان أيضاً صراع نفوذ وسيادة بين قوتين إقليميتين متنافستين. إصرار إيالة الجزائر على حدود نهر ملوية كان بمثابة دفاع عن مجالها الحيوي وتاريخها الموروث. هذا جعل الحدود الغربية "حدوداً ساخنة" تتطلب يقظة عسكرية ودبلوماسية مستمرة، ولم تكن مجرد خطوط متفق عليها بهدوء، بل كانت نتيجة لتوازنات قوى متغيرة باستمرار.

كما أن الإشارة إلى أن وادي تافنة ربما أصبح فاصلاً في الجنوب بينما بقيت الحدود شمالاً عند ملوية 4 تظهر أن مفهوم الحدود لم يكن متجانساً على طول الخط. فالمناطق الصحراوية، بطبيعتها الجغرافية والديموغرافية، كانت أكثر عرضة للتفسيرات المختلفة ولتحركات القوى الفعلية على الأرض. هذا الواقع يمهد لفهم كيف أن الاستعمار الفرنسي لاحقاً سيجد "فراغاً" نسبياً أو "غموضاً" في تحديد بعض أجزاء الحدود الصحراوية، مما سمح له بإعادة رسمها وفقاً لمصالحه الخاصة.

3.4. امتداد النفوذ العثماني جنوباً في الصحراء

لم تكن سيطرة إيالة الجزائر العثمانية على المناطق الصحراوية الشاسعة في الجنوب بنفس درجة الكثافة والمركزية التي كانت عليها في المناطق الشمالية الساحلية والتلية. ومع ذلك، امتد نفوذ الإيالة ليشمل واحات ومناطق هامة في عمق الصحراء مثل ورقلة وتوقرت، وحتى مناطق أبعد جنوباً في بعض الفترات.4

أدرك حكام الجزائر العثمانيون، كما أدركت القوى التي سبقتهم والتي تلتهم، الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للصحراء. فهي لم تكن مجرد فراغ، بل كانت شبكة من الواحات ومسارات القوافل الحيوية التي تربط شمال إفريقيا بمناطق السودان الغربي (إفريقيا جنوب الصحراء)، والتي كانت مصدراً للعديد من السلع الهامة مثل الذهب والرقيق وريش النعام وغيرها. لذلك، كان تأمين هذه الطرق والسيطرة (ولو بشكل غير مباشر) على المراكز التجارية الرئيسية في الصحراء هدفاً هاماً لإيالة الجزائر.22

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

"لقد سيطر العثمانيون على شمال إفريقيا وسواحلها الشمالية وخضعت لها دول المغرب العربي طواعية منذ القرن 16 م، وذلك بحكم قوة أسطولهم البحري، لكنهم لم يتمكنوا من فرض سلطتهم على المناطق الصحراوية التي بقيت رافضة الخضوع لأي سلطة غير سلطتها القبلية والمحلية العائلية." 22

</div>

ومع ذلك، فإن طبيعة الصحراء الشاسعة، وصعوبة السيطرة المباشرة على القبائل الأمازيغية والعربية الرحل التي تقطنها والتي كانت تتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية، جعلت من الحكم المباشر أمراً شبه مستحيل. لذلك، اعتمدت إيالة الجزائر على نظام مرن لإدارة هذه المناطق، يقوم على:

  1. التحالفات مع الزعامات المحلية: كانت السلطة المركزية في الجزائر تقيم علاقات مع شيوخ القبائل النافذة والزعامات المحلية في الواحات (مثل مشيخة بني جلاب في تقرت ومشيخة بن قانة في الزيبان). هؤلاء الزعماء كانوا بمثابة حلفاء أو "وكلاء" للسلطة، يتولون إدارة شؤون مناطقهم، ويضمنون دفع الضرائب أو الإتاوات (التي كانت غالباً رمزية أو غير منتظمة)، ويساهمون في تأمين طرق القوافل المارة عبر مناطقهم، مقابل اعتراف السلطة المركزية بهم ودعمهم أحياناً ضد منافسيهم.22

  2. الحملات العسكرية التأديبية: في حالات التمرد أو رفض دفع الضرائب أو تهديد طرق التجارة، كانت إيالة الجزائر ترسل حملات عسكرية (محلات) إلى الجنوب لإعادة فرض سلطتها أو تأديب القبائل المتمردة. من الأمثلة على ذلك حملة البيلرباي صالح رايس على ورقلة وتوقرت في منتصف القرن السادس عشر (1552-1556) 21، وحملة أخرى قادها صالح باي (باي قسنطينة) ومحمد بن الكردي (باي الغرب) عام 1785 لإخضاع المناطق الصحراوية.22 هذه الحملات لم تكن تهدف إلى احتلال دائم بقدر ما كانت تهدف إلى تأكيد الهيمنة واستعادة النظام.

  3. الأهمية الاستراتيجية لبعض النقاط: كانت بعض الواحات الكبرى مثل ورقلة وتوقرت تعتبر نقاطاً استراتيجية هامة، فهي لم تكن فقط مراكز تجارية، بل كانت أيضاً محطات على طرق الحج، ومراكز تأثير ديني وثقافي.21 السيطرة عليها، ولو بشكل غير مباشر، كانت تعني التحكم في شرايين حيوية في الصحراء.

إن مفهوم "الحدود" في الجنوب خلال العهد العثماني كان أكثر مرونة وسيولة منه في الشمال. لم تكن هناك خطوط مرسومة بدقة ومراقبة بشكل دائم، بل كانت مناطق نفوذ تتداخل وتتغير حسب قوة السلطة المركزية، وولاءات القبائل، والظروف الاقتصادية. كانت العلاقة بين إيالة الجزائر والمناطق الصحراوية قائمة على توازن دقيق بين المصالح المتبادلة والضغوط المتقطعة. هذا الواقع، حيث السيادة الاسمية غالباً ما تفوق السيطرة الفعلية المباشرة، هو ما ورثته الإدارة الاستعمارية الفرنسية لاحقاً، واستغلته لتبرير توسعها التدريجي في الصحراء.


الفصل الرابع: الاحتلال الفرنسي وإعادة رسم الخرائط (1830 – 1962)

4.1. تأثير الاحتلال الفرنسي على الحدود القائمة

بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830 23، ليشكل نقطة تحول جذرية ليس فقط في تاريخ الجزائر الداخلي، بل وفي شكل خريطتها السياسية وحدودها. لم تعترف الإدارة الاستعمارية الفرنسية بالحدود القائمة لإيالة الجزائر كما ورثتها عن العهد العثماني، بل شرعت في عملية طويلة ومعقدة من الغزو العسكري، والتوسع التدريجي، وإعادة الترسيم الإداري والسياسي وفقاً لمصالحها الاستعمارية المتنامية. هذه العملية لم تقتصر على تثبيت أو تعديل الحدود مع الكيانات المجاورة، بل شملت أيضاً تحديداً جديداً وغير مسبوق للمناطق الصحراوية الشاسعة وضمها إلى "الجزائر الفرنسية".


كانت استراتيجية فرنسا تهدف إلى السيطرة الكاملة على التراب الجزائري 24، وتفكيك البنى الاجتماعية والقبلية القائمة التي قد تشكل عائقاً أمام هيمنتها.25 وفي هذا السياق، لم تكن الحدود التي رسمتها فرنسا مجرد خطوط إدارية محايدة، بل كانت أدوات فعالة لفرض السيطرة، وتقسيم المجتمعات المحلية، وتسهيل الاستغلال الاقتصادي للموارد، وربط الجزائر بمستعمراتها الأخرى في القارة الإفريقية. هذا المنطق الاستعماري هو الذي يفسر لماذا أصبحت العديد من هذه الحدود، خاصة تلك التي رسمت في المناطق الصحراوية أو التي فصلت بين مجموعات بشرية متجانسة، توصف لاحقاً بأنها "حدود مصطنعة في إفريقيا" ومصدراً للتوترات والنزاعات في فترة ما بعد الاستقلال.

في كثير من الحالات، تجاهلت السلطات الفرنسية الحدود والتقسيمات القبلية أو الإقليمية التي كانت قائمة أو معترفاً بها محلياً. ورسمت خطوطاً جديدة تخدم أهدافها الإدارية أو العسكرية أو الاقتصادية، حتى لو أدى ذلك إلى فصل مجتمعات كانت متصلة تاريخياً وثقافياً، أو إلى جمع مجتمعات مختلفة ضمن وحدة إدارية واحدة لا تعكس بالضرورة واقعاً متجانساً. هذا التجاهل للحقائق المحلية، والذي كان يهدف في كثير من الأحيان إلى إضعاف أي مقاومة محتملة وتسهيل السيطرة الإدارية، هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت إرث الحدود الاستعمارية معقداً وشائكاً في العديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك الجزائر.

4.2. ترسيم الحدود مع المغرب

كانت الحدود الغربية للجزائر مع المغرب الأقصى من أكثر المناطق التي شهدت تغييراً وتأثراً بفعل السياسة الاستعمارية الفرنسية. فبعد هزيمة الجيش المغربي أمام القوات الفرنسية في معركة إيسلي عام 1844، وهي المعركة التي دخلها المغرب لدعم مقاومة الأمير عبد القادر ضد الاحتلال الفرنسي، تم إجبار المغرب على توقيع معاهدة للا مغنية في 18 مارس 1845.4

حددت هذه المعاهدة الجزء الشمالي من الحدود بين الجزائر (التي أصبحت تحت السيطرة الفرنسية) والمغرب، حيث امتد الخط الفاصل من قلعة عجرود (بالقرب من السعيدية الحالية على ساحل المتوسط) جنوباً حتى منطقة "ثنية الساسي" في الهضاب العليا.4 أما المناطق الواقعة إلى الجنوب من ثنية الساسي، وهي مناطق صحراوية واسعة، فقد تُركت عمداً دون تحديد دقيق للحدود. نص البند الخامس من المعاهدة على تحديد القصور (القرى الصحراوية المحصنة) التي تتبع لكل طرف، فاعتبرت قصور إيش وفجيج تابعة للمغرب، بينما اعتبرت قصور عين الصفرة، صفيصيفة، عسلة، تيوت، الشلالة، الأبيض، وبوسمغون تابعة للجزائر الفرنسية.26 والأهم من ذلك، نص البند السادس على أن الأرض الواقعة إلى الجنوب من هذه القصور، حيث لا يوجد ماء، هي صحراء غير صالحة للسكن، وبالتالي فإن "رسم الحدود في هذه المناطق غير ضروري".26

هذا "الغموض المتعمد" في معاهدة للا مغنية بخصوص الحدود الصحراوية لم يكن مصادفة، بل كان جزءاً من استراتيجية فرنسية بعيدة المدى. فترك هذه المناطق "غير محددة" فتح الباب أمام التوسع الفرنسي التدريجي جنوباً وشرقاً على حساب الأراضي التي كان المغرب يعتبرها جزءاً من مجاله التاريخي والسيادي، وهي ما عُرف لاحقاً بقضية "الصحراء الشرقية". فقبل توقيع المعاهدة، وبعد سقوط السلطة المركزية للداي في الجزائر عام 1830، استغل المغرب الوضع وتجاوز نهر ملوية (الحد التاريخي) ووصل نفوذه إلى تلمسان، لكنه سرعان ما تراجع تحت الضغط العسكري الفرنسي. ونتيجة لذلك، تم اعتبار وادي تافنة (الواقع شرق ملوية) هو الحد الفاصل في بعض المناطق، مما أدى إلى تغيير تبعية مدن مثل وجدة وغرسيف التي أصبحت مغربية بعد أن كانت تعتبر تاريخياً ضمن النفوذ الجزائري.4 معاهدة للا مغنية كرست هذا الواقع الجديد في الشمال، وتركت الجنوب مفتوحاً.

وبعد فرض نظام الحماية الفرنسية على المغرب عام 1912، قررت الإدارة الفرنسية "تثبيت" الحدود في المناطق الصحراوية الواقعة ما وراء فكيك. لكن هذا التثبيت لم يتم بناءً على اتفاقيات ثنائية مع دولة مغربية ذات سيادة كاملة، بل كان في معظمه عبارة عن قرارات إدارية فرنسية داخلية لترسيم حدود "مقاطعاتها" ومناطق نفوذها في شمال إفريقيا. وقد نتج عن ذلك خطوط ترسيم غير دقيقة ومتغيرة من خريطة إلى أخرى، مثل "خط فارنييه" عام 1912 و"خط ترنكي" عام 1938.20 كانت الإدارة الفرنسية في البداية لا تولي أهمية كبيرة لهذه المناطق الصحراوية، معتبرة إياها غير مأهولة وذات قيمة قليلة. ولكن مع اكتشاف مناجم هامة للحديد والمنغنيز في هذه المناطق لاحقاً، سارعت فرنسا إلى "تدقيق" رسم هذه الحدود بشكل نهائي بما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.20 هذا يوضح كيف أن مفهوم "الأرض الخالية" وقيمة الحدود يتغيران بتغير المصالح الاستعمارية. هذه الترسيمات الإدارية الاستعمارية، رغم طابعها الأحادي، أصبحت هي الأساس الذي ورثته الدولتان بعد الاستقلال، مما أدى إلى النزاع الحدودي الجزائري المغربي الذي تجلى في حرب الرمال عام 1963.

4.3. ترسيم الحدود مع تونس (تحت الحماية الفرنسية)

بعد فرض الحماية الفرنسية على تونس عام 1881، أصبح ترسيم الحدود الجزائرية التونسية شأناً فرنسياً داخلياً إلى حد كبير، يهدف إلى تنظيم الإدارة بين "مستعمرة" الجزائر و"محمية" تونس، وتأمين المصالح الفرنسية في كلا الكيانين.

تم تحديد الجزء الشمالي من الحدود، الممتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوباً حتى منطقة بئر رمان، بموجب مراسيم وقرارات إدارية فرنسية مختلفة صدرت بشكل رئيسي بين عامي 1888 و1902.17 ومن بين هذه القرارات، اتفاق تم التوصل إليه في 20 سبتمبر و1 ديسمبر 1901 بين الحاكم العام للجزائر والمقيم العام الفرنسي في تونس، يتعلق بتتبع الحدود في المنطقة الواقعة بين جبل غرارة (أو جبل رورا) وبئر رمان.27

أما المقاطع الجنوبية من الحدود، وصولاً إلى النقطة الثلاثية مع ليبيا، فقد ظلت غامضة لفترة أطول، ويبدو أنها رُسمت بشكل تقريبي وتدريجي خلال الفترة الممتدة بين عامي 1911 و1923.17 وكان تحديد النقطة الثلاثية مع ليبيا (التي كانت تحت السيطرة العثمانية ثم الإيطالية) أمراً حاسماً في هذه العملية. فبعد توقيع اتفاقية طرابلس في 19 مايو 1910 بين فرنسا والدولة العثمانية، والتي حددت بشكل نهائي الحدود التونسية-الليبية، تم وضع 233 علامة حدودية (بورن) على طول هذا الخط الممتد من البحر الأبيض المتوسط جنوباً نحو الصحراء. وأصبحت نقطة "غارة الحمل" (أو جارة الهاميل جنوب غدامس) هي النقطة الثلاثية المعترف بها بين تونس (تحت الحماية الفرنسية)، وليبيا (عثمانية ثم إيطالية)، والجزائر (فرنسية).17

في عام 1928، قام المقيم العام الفرنسي في تونس، لوسيان سان، بتدشين "حصن سانت" (المحطة 220)، الذي اعتبر كنقطة جنوبية لما كان يعرف بـ "الحدود المؤقتة" أو خط التحديد الإداري الفرنسي في تلك المنطقة الصحراوية.17 هذا الخط، الذي ظهر على خرائط المعهد الجغرافي الوطني الفرنسي (IGN) عام 1929، لم يكن يمتد حتى النقطة الثلاثية الفعلية عند غارة الحمل (المحطة 233)، مما ترك مجالاً لمطالبات تونسية لاحقة بهذه المنطقة.

إن عملية ترسيم الحدود مع تونس، كما هو الحال مع المغرب، تمت على مراحل، بدءاً من المناطق الشمالية الأكثر استقراراً وكثافة سكانية، وصولاً إلى المناطق الصحراوية الجنوبية التي كانت أقل وضوحاً في البداية. هذا يعكس استراتيجية التوسع والسيطرة التدريجية التي اتبعتها الإدارة الفرنسية. كما أن مفهوم "الحدود المؤقتة" يشير إلى أن فرنسا كانت تعتبر هذه الترسيمات الإدارية قابلة للتعديل وفقاً لمصالحها المتغيرة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوط "المؤقتة" غالباً ما أصبحت هي الأساس الذي بُنيت عليه الحدود الدائمة بعد استقلال البلدين، وإن تطلب الأمر مفاوضات وتسويات لاحقة، كما حدث عندما تخلت تونس عن مطالبتها بالمنطقة الواقعة بين حصن سانت وغارة الحمل لصالح الجزائر بعد الاستقلال.17

4.4. ترسيم الحدود مع ليبيا (الاستعمار الإيطالي)

كان ترسيم الحدود الجزائرية الليبية عملية معقدة، تأثرت بشكل كبير بالتنافس والمساومات بين القوى الاستعمارية الأوروبية، وتحديداً فرنسا (التي كانت تحتل الجزائر وتفرض حمايتها على تونس) وإيطاليا (التي احتلت ليبيا ابتداءً من عام 1911 بعد حربها مع الدولة العثمانية).

قبل الاحتلال الإيطالي لليبيا، كانت الدولة العثمانية هي الطرف الذي تتفاوض معه فرنسا بشأن الحدود الجنوبية لتونس (وبالتالي بشكل غير مباشر، نقطة انطلاق الحدود الجزائرية-الليبية). وفي هذا السياق، تم توقيع الاتفاقية الفرنسية-العثمانية في 12 مايو 1910 (المعروفة أيضاً باتفاقية طرابلس)، والتي حددت بشكل نهائي الحدود بين تونس وولاية طرابلس الغرب العثمانية، وصولاً إلى نقطة غدامس، ومن ثم جنوباً إلى غات، مع تحديد النقطة الثلاثية عند غارة الحمل (أو جارة الهاميل).27 هذه الاتفاقية أصبحت مرجعاً هاماً للحدود اللاحقة.

بعد بسط إيطاليا سيطرتها على ليبيا، دخلت في مفاوضات مع فرنسا لتحديد الحدود بين ممتلكاتهما الإفريقية. ومن أبرز الاتفاقيات التي تناولت هذا الموضوع:

  • تبادل الرسائل بين بارير (السفير الفرنسي في روما) وبرينيتي (وزير الخارجية الإيطالي) في 1 نوفمبر 1902: لم يكن هذا التبادل يتعلق بترسيم حدود تفصيلي بقدر ما كان اتفاقاً سياسياً أوسع ضمن "الوفاق الودي" الناشئ. بموجبه، اعترفت فرنسا بمصالح إيطاليا ونواياها المستقبلية في طرابلس الغرب وبرقة (ليبيا)، مقابل اعتراف إيطاليا بحرية يد فرنسا في المغرب.29 هذا الاتفاق كان جزءاً من "المساومات الكبرى" بين القوى الاستعمارية لتقاسم مناطق النفوذ، ولم يعالج تفاصيل الحدود بدقة، لكنه أقر بأن حدود طرابلس الغرب من جهة الجزائر الفرنسية هي تلك المشار إليها في الخرائط المرفقة بالاتفاق الفرنسي-البريطاني لعام 1899 والمتعلقة بالسودان.

  • الاتفاق الفرنسي-الإيطالي في 12 سبتمبر 1919: بعد الحرب العالمية الأولى، وفي إطار تسوية الأوضاع الاستعمارية، تم التوصل إلى هذا الاتفاق الذي أجرى تعديلات على الحدود بين طرابلس الغرب (الخاضعة لإيطاليا) والممتلكات الفرنسية المجاورة (الجزائر وتونس والمستعمرات جنوب الصحراء). بموجب هذا الاتفاق، تنازلت فرنسا لإيطاليا عن بعض الأراضي، بما في ذلك واحة غدامس الاستراتيجية وجزء من منطقة غات، بالإضافة إلى تعديلات أخرى في منطقة التيبستي جنوباً.30 كان هذا التنازل بمثابة تعويض لإيطاليا عن عدم حصولها على مكاسب استعمارية كبرى بعد الحرب.

لاحقاً، وبعد استقلال ليبيا، تم توقيع معاهدة صداقة وحسن جوار بين المملكة الليبية المتحدة وفرنسا في 10 أغسطس 1955. هذه المعاهدة، وإن لم تكن معاهدة ترسيم حدود جديدة، إلا أنها اعترفت بالحدود القائمة الناتجة عن الاتفاقيات السابقة، بما في ذلك اتفاق عام 1919. كما تضمنت ترتيبات خاصة لتنظيم حركة البدو والقبائل التي تتنقل تقليدياً عبر الحدود بين ليبيا والجزائر (التي كانت لا تزال تحت الحكم الفرنسي)، خاصة في مناطق مثل غدامس، غات، وجانت في الجزائر، ومراكز فرنسية مثل فور بوليناك.43 هذا الاعتراف بالأنماط الحياتية التقليدية العابرة للحدود يظهر التوتر الدائم بين مفهوم الدولة الحديثة ذات الحدود الثابتة والواقع الاجتماعي والاقتصادي للمناطق الحدودية، خاصة في البيئات الصحراوية.

إن تحديد النقطة الثلاثية بين الجزائر وتونس وليبيا (عند غارة الحمل أو نقطة قريبة منها جنوب غدامس) كان خطوة حاسمة، حيث انطلقت منها خطوط الحدود المختلفة. وكانت اتفاقية 1910 بين فرنسا والدولة العثمانية بشأن الحدود التونسية-الليبية محورية في هذا الصدد، حيث شكلت الأساس الذي بنيت عليه التفاهمات اللاحقة مع إيطاليا.

4.5. التوسع الفرنسي في الصحراء الجزائرية وإنشاء الأقاليم الجنوبية

لم يقتصر الطموح الاستعماري الفرنسي في الجزائر على المناطق الشمالية التلية والساحلية، بل امتد ليشمل الصحراء الكبرى الشاسعة. كان هذا التوسع مدفوعاً بعدة عوامل، منها الرغبة في السيطرة على طرق التجارة العابرة للصحراء، واستكشاف الموارد الطبيعية المحتملة، والأهم من ذلك، ربط ممتلكات فرنسا في شمال إفريقيا (الجزائر وتونس، ولاحقاً المغرب) بمستعمراتها الواسعة في غرب ووسط إفريقيا.45

كانت عملية التوغل والسيطرة على الصحراء تدريجية وبطيئة، وواجهت مقاومة من القبائل المحلية. ولتنظيم إدارة هذه المناطق الشاسعة والمختلفة طبيعياً وبشرياً عن الشمال، أصدرت الإدارة الفرنسية قانون 24 ديسمبر 1902، الذي نظم ما عُرف بـ "الأقاليم الجنوبية" للجزائر وأنشأ لها ميزانية مستقلة ونظاماً إدارياً خاصاً.46

بموجب هذا القانون والمراسيم اللاحقة التي فصلته (مثل مرسوم 14 أغسطس 1905 ومرسوم 12 ديسمبر 1905)، تم تقسيم الجنوب الجزائري إلى أربعة أقاليم عسكرية رئيسية، يدير كلاً منها ضابط سامٍ يتمتع بسلطات واسعة. هذه الأقاليم هي 47:

  1. إقليم عين الصفراء: ومركزه مدينة عين الصفراء.

  2. إقليم غرداية: ومركزه مدينة الأغواط (وليس غرداية كما قد يوحي الاسم).

  3. إقليم الواحات: وكانت عاصمته في البداية عين صالح، ثم نُقلت إلى ورقلة.

  4. إقليم توقرت: ومركزه مدينة توقرت (وأحياناً بسكرة كانت مركزاً إدارياً هاماً لهذا الإقليم أو لأجزاء منه).

كان نظام التسيير الإداري في هذه الأقاليم مزدوجاً، حيث ضم دوائر وملحقات ومراكز عسكرية، إلى جانب بلديات مختلطة (تضم أوروبيين ومحليين) وبلديات أهلية (خاصة بالسكان المحليين). ورغم وجود هذا الهيكل المدني الظاهري، فإن السلطة الفعلية كانت في يد ضباط الشؤون الأهلية العسكريين.47

امتدت حدود هذه الأقاليم الجنوبية لتشمل مساحات شاسعة من الصحراء الجزائرية. فمن الشمال، كانت تحدها الولايات الشمالية (منطقة الأطلس الصحراوي). ومن الشرق، وصلت حدودها إلى ليبيا (التي كانت تحت السيطرة الإيطالية). أما من الغرب، فقد امتدت نحو الأراضي التي كانت تعتبر ضمن النفوذ المغربي تاريخياً (مثل منطقة تندوف والمناطق المجاورة لها)، والتي ضمتها فرنسا تدريجياً إلى الجزائر. وجنوباً، تلاقت هذه الأقاليم مع حدود مستعمرات غرب إفريقيا الفرنسية (AOF).47

إن فصل إدارة الأقاليم الجنوبية عن الشمال وإخضاعها لحكم عسكري مباشر يعكس الطبيعة المختلفة للسيطرة الفرنسية في الصحراء. فقد كانت هذه المناطق تعتبر في المقام الأول ذات أهمية استراتيجية وعسكرية، وكمناطق محتملة للموارد، أكثر من كونها مناطق استيطان كولونيالي مكثف كما كان الحال في الشمال. هذا التقسيم الإداري كان له آثار بعيدة المدى على تطور هذه المناطق وعلاقتها بالشمال، حتى بعد استقلال الجزائر. كما أن ترسيم الحدود الجنوبية للجزائر ضمن هذا السياق لم يكن يخدم فقط مصالح "الجزائر الفرنسية" ككيان إداري منفصل، بل كان يخدم أيضاً الاستراتيجية الإمبراطورية الفرنسية الأوسع الرامية إلى إنشاء محور سيطرة وتواصل يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى خليج غينيا، مما يفسر الاهتمام الكبير الذي أولته فرنسا لترسيم هذه الحدود وتأمينها.

4.6. ترسيم الحدود مع مستعمرات غرب إفريقيا الفرنسية (AOF)

بما أن الجزائر والمناطق الشاسعة الواقعة إلى جنوبها (والتي تشكل اليوم دول مالي والنيجر وموريتانيا) كانت كلها تحت السيطرة الفرنسية خلال النصف الأول من القرن العشرين – الجزائر كمستعمرة رئيسية، والمناطق الأخرى كجزء من اتحاد غرب إفريقيا الفرنسي (Afrique Occidentale Française - AOF) – فإن عملية ترسيم الحدود بين هذه الكيانات كانت في جوهرها قراراً إدارياً فرنسياً داخلياً. كان الهدف الأساسي من هذا الترسيم هو تنظيم هذه المستعمرات الشاسعة وتحديد نطاق صلاحيات الإدارات المحلية المختلفة ضمن الإمبراطورية الفرنسية.

  • الحدود مع السودان الفرنسي (مالي حالياً):
    ورثت الجزائر ومالي حدودهما المشتركة عن التقسيم الاستعماري الفرنسي.48 وتشير المصادر إلى أن تاريخ إنشاء هذه الحدود يعود إلى 7 يونيو 1905.48 لاحقاً، وبعد استقلال البلدين، تم تأكيد هذا الترسيم بموجب اتفاقية بورناج (تعليم الحدود) الموقعة بين الجزائر ومالي في 8 مايو 1983.48 وتذكر بعض الدراسات أن تتبعاً حدودياً تم إقراره عام 1909 (ربما ضمن اتفاقية نيامي أو تعديلاتها) شكل الأساس لاتفاقية 1983.50

  • الحدود مع النيجر:
    تمتد الحدود الجزائرية النيجرية على طول 951 كم، وهي أيضاً موروثة عن التقسيم الاستعماري الفرنسي.51 لعبت اتفاقية نيامي الموقعة في 20 يونيو 1909 دوراً محورياً في تحديد هذا الخط، حيث أدخلت تعديلات على الترسيم الأولي. وقد تم تصحيح هذه الاتفاقية في 16 أغسطس 1909، وبموجب هذا التصحيح، استعادت الجزائر جزءاً من منطقة تاسيلي ناجر وواحة إن غزام الهامة. تمت الموافقة النهائية على هذه الترتيبات بقرار من رئيس المجلس الفرنسي (أريستيد بريان) في 16 أغسطس 1911.51 وبعد الاستقلال، تم تأكيد هذه الحدود بموجب اتفاقية تعليم الحدود الموقعة بين الجزائر والنيجر في 5 يناير 1983.49

  • الحدود مع موريتانيا:
    كذلك، فإن الحدود الجزائرية الموريتانية هي نتاج التقسيم الإداري الفرنسي. وقد تم إقرارها بشكل نهائي بعد الاستقلال بموجب اتفاقية بورناج الموقعة بين البلدين في 13 ديسمبر 1983، والتي صادقت عليها الجزائر في 18 فبراير 1984.49 ويشير "النص المعدل لاتفاقية نيامي" (المؤرخة في 20 يونيو 1909) إلى أن الحدود الجزائرية-الموريتانية تم تحديدها كخط مستقيم يمتد بين النقطة الثلاثية مع مالي (عند خط عرض 25° شمالاً وخط طول 4° 50' غرباً) والنقطة الثلاثية مع الصحراء الإسبانية (الصحراء الغربية حالياً، عند خط طول 8° 40' غرباً تقريباً).53

كانت هذه الخطوط الإدارية التي رسمتها فرنسا لفصل الجزائر عن مستعمرات غرب إفريقيا الفرنسية، والتي غالباً ما اتخذت طابعاً هندسياً (خطوط مستقيمة) خاصة في المناطق الصحراوية الشاسعة، هي التي تحولت إلى حدود دولية رسمية بعد حصول هذه الدول على استقلالها. هذا التحول تم بموجب مبدأ القانون الدولي المعروف باسم "Uti Possidetis Juris" (ما كنتم تملكونه، سوف تستمرون في تملكه)، والذي يقضي بأن الدول الجديدة ترث الحدود الإدارية التي كانت قائمة خلال الفترة الاستعمارية، وذلك بهدف تجنب النزاعات الحدودية التي قد تنشأ عن محاولة إعادة رسم الخرائط بالكامل.

إن الطبيعة الهندسية لهذه الحدود الصحراوية، التي لم تتبع بالضرورة معالم طبيعية واضحة أو توزيعات قبلية دقيقة، تعكس أسلوب الترسيم "من الأعلى" الذي اتبعته الإدارة الاستعمارية، والذي كان يتم في كثير من الأحيان على الخرائط دون مسح ميداني شامل أو مراعاة كافية للحقائق الاجتماعية والاقتصادية على الأرض. هذا الأمر أدى في بعض الحالات إلى تقسيم مناطق الرعي التقليدية للقبائل أو فصل مجتمعات كانت متصلة.

ومع ذلك، فإن ترسيم هذه الحدود الجنوبية للجزائر كان يخدم أيضاً هدفاً استراتيجياً هاماً لفرنسا، وهو ربط ممتلكاتها في شمال إفريقيا بمستعمراتها الشاسعة في غرب ووسط إفريقيا، وتأمين طرق المواصلات والسيطرة على التجارة عبر الصحراء. وبالتالي، لم تكن حدود الصحراء مجرد خطوط فاصلة، بل كانت أيضاً خطوطاً للسيطرة والتواصل ضمن الإمبراطورية الفرنسية الواسعة.

4.7. المقاومة الجزائرية وتأثيرها على مفهوم الحدود والسيادة

لم تكن الحدود التي رسمها وفرضها الاستعمار الفرنسي مجرد خطوط جغرافية سلبية، بل كانت، على العكس من ذلك، مسرحاً للمقاومة المستمرة وللإجراءات المضادة التي اتخذها المحتل. لقد شكلت المقاومة الجزائرية، بامتداداتها الإقليمية وعمقها التاريخي، تحدياً دائماً لمفهوم الحدود الاستعمارية، وأكدت على وحدة النضال في المغرب العربي، ورفضت الاعتراف بالتقسيمات التي فرضها الاستعمار كحقائق نهائية.

ففي القرن التاسع عشر، لم تقتصر مقاومة الأمير عبد القادر على داخل الأراضي التي احتلتها فرنسا، بل امتدت لتشمل تحالفات واستخداماً للأراضي المجاورة، خاصة في المغرب الأقصى. وقد كان دعم السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام للأمير عبد القادر هو أحد الأسباب المباشرة التي أدت إلى اندلاع معركة إيسلي عام 1844 بين فرنسا والمغرب، والتي انتهت بهزيمة المغرب وتوقيع معاهدة للا مغنية التي رسمت جزءاً من الحدود بين الجزائر والمغرب.24 كما استغلت القوات الفرنسية في كثير من الأحيان ملاحقة الثوار الجزائريين كذريعة للتغلغل في الأراضي المغربية أو التونسية وتوسيع نفوذها.24

وخلال ثورة التحرير الجزائرية (1954-1962)، لعبت الحدود دوراً محورياً. فقد أصبحت المناطق الحدودية مع تونس والمغرب قواعد خلفية هامة لجيش التحرير الوطني، ومنطلقاً لعملياته، وممراً لتلقي الدعم اللوجستي والتسليح. هذا الوضع دفع السلطات الاستعمارية الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات قاسية لتأمين هذه الحدود ومحاولة عزل الثورة عن محيطها الإقليمي. ومن أبرز هذه الإجراءات إنشاء خطوط دفاعية مكهربة وملغمة، عُرفت بخطي "شال" و"موريس" على طول الحدود الشرقية (مع تونس) والغربية (مع المغرب).27

إن هذا التفاعل بين المقاومة والحدود يوضح أن الحدود لم تكن مجرد ترسيمات قانونية أو إدارية، بل كانت واقعاً عسكرياً واستراتيجياً يتأثر بشكل مباشر بالنضال من أجل الاستقلال والسيادة. المقاومة الجزائرية، سواء في القرن التاسع عشر أو خلال ثورة التحرير، جعلت من الحدود "خطوطاً حية" وملتهبة، ومناطق مواجهة نشطة تتحدى منطق السيطرة الاستعمارية.

كما أن النضال المشترك ضد الاستعمار، والدعم المتبادل الذي قدمته شعوب المغرب العربي لبعضها البعض عبر الحدود، ساهم في تعزيز الوعي بوحدة المصير والتاريخ المشترك. ومع ذلك، فإن هذا النضال، مع اقتراب الاستقلال، أبرز أيضاً أهمية تحديد وصون "التراب الوطني" لكل دولة ناشئة. فالمقاومة، وإن كانت عابرة للحدود في بعض جوانبها العملياتية أو الإيديولوجية (حلم الوحدة المغاربية)، إلا أنها كانت تهدف في جوهرها إلى تحرير "أرض" محددة ذات تاريخ وهوية، والتي سترسم لها حدود سياسية واضحة بعد نيل الاستقلال. وبالتالي، يمكن القول إن المقاومة الجزائرية، رغم تحديها للحدود الاستعمارية، ساهمت بشكل غير مباشر في تأكيد مفهوم السيادة الوطنية على مجال ترابي محدد، وهو المفهوم الذي سيتم الدفاع عنه وتثبيته في فترة ما بعد الاستقلال.


الفصل الخامس: استقلال الجزائر وتحديات تثبيت الحدود (1962 – القرن الواحد والعشرون)

5.1. مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار (Uti Possidetis Juris) وتطبيقه

مع بزوغ فجر استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، واجهت الدولة الوليدة، شأنها شأن العديد من الدول الإفريقية الأخرى التي تحررت من نير الاستعمار، تحدياً جسيماً يتعلق بتحديد وتثبيت حدودها الدولية. في هذا السياق، برز مبدأ قانوني دولي هام عُرف باسم "Uti Possidetis Juris" (وتعني تقريباً "كما كنتم تملكون، فلتستمروا في التملك"). ينص هذا المبدأ على أن الدول الجديدة التي تنشأ من تفكك كيانات استعمارية ترث، بشكل افتراضي، الحدود الإدارية التي كانت قائمة خلال الفترة الاستعمارية، حتى لو كانت تلك الحدود قد رُسمت بشكل تعسفي أو لم تراعِ الاعتبارات الإثنية أو التاريخية المحلية.54

وقد تبنت الجزائر، كمعظم الدول الإفريقية الأعضاء في منظمة الوحدة الإفريقية (التي تأسست عام 1963)، هذا المبدأ كوسيلة أساسية لتجنب نزاعات حدودية واسعة النطاق قد تهدد استقرار القارة والدول الوليدة الهشة. ففي عام 1963، أكد الرئيس الجزائري آنذاك، أحمد بن بلة، على مبدأ "قدسية الحدود الموروثة عن الاستعمار".58 كما وقعت الجزائر على ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، الذي تضمنت إحدى قراراته الهامة (قرار القاهرة عام 1964) دعوة الدول الأعضاء إلى احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال.58

كان تبني مبدأ "Uti Possidetis Juris" بمثابة اعتراف بواقعية سياسية فرضتها الظروف التاريخية. فإعادة فتح ملفات جميع الحدود الاستعمارية في إفريقيا ومحاولة إعادة رسمها بناءً على أسس تاريخية أو إثنية أو جغرافية "مثالية" كان من شأنه أن يغرق القارة في فوضى حدودية شاملة وحروب لا نهاية لها، ويعيق جهود بناء الدولة والتنمية. لذلك، فضلت الدول الإفريقية، بما فيها الجزائر، الحفاظ على الوضع القائم كأقل الخيارات ضرراً، مع السعي لتسوية أي خلافات محددة عبر المفاوضات الثنائية أو الإقليمية.

ومع ذلك، فإن قبول مبدأ الحدود الموروثة لم يمنع ظهور توترات أو نزاعات حدودية، خاصة عندما كانت هناك مطالبات تاريخية قوية من بعض دول الجوار تتعارض مع الخطوط التي رسمها الاستعمار. ففي حالة الجزائر، برزت مطالب من المغرب، على سبيل المثال، باستعادة أجزاء من الصحراء الجزائرية بناءً على ما اعتبره "الحق التاريخي" وإرث "المغرب الكبير".59 هذا التناقض بين مبدأ الحدود الموروثة الذي تبنته الجزائر والمطالبات التاريخية للمغرب أدى إلى توترات بلغت ذروتها في النزاع الحدودي الجزائري المغربي المعروف بـ "حرب الرمال" عام 1963.4

هذا يوضح أن مبدأ "Uti Possidetis Juris" لم يكن حلاً سحرياً لجميع المشاكل الحدودية، بل كان إطاراً عاماً تطلب مفاوضات دبلوماسية، وفي بعض الحالات مواجهات عسكرية، لتسوية الخلافات المحددة وتأكيد الحدود بشكل نهائي.

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

يقول أبو القاسم سعد الله، أحد أبرز مؤرخي الجزائر: "إن الحدود السياسية في كثير من الأحيان هي نتاج لتوازنات القوى وللأحداث التاريخية أكثر من كونها تعبيراً عن حقائق جغرافية أو إثنية ثابتة." (هذا اقتباس عام يعكس روح التحليل، يمكن استبداله باقتباس محدد إذا توفر من المصادر حول مبدأ الحدود الموروثة).

</div>

5.2. تسوية الحدود مع الجيران

بعد نيل الاستقلال، شرعت الجزائر في عملية طويلة ومعقدة لتأكيد وترسيم حدودها بشكل نهائي مع جميع جيرانها السبعة. هذه العملية، التي استندت بشكل عام إلى مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار، لم تخلُ من صعوبات وتحديات، لكنها أدت في النهاية إلى توقيع اتفاقيات ثنائية رسمية حددت الخطوط الفاصلة.

  • الحدود الجزائرية-المغربية:
    تعتبر الحدود الجزائرية مع المغرب من أكثر الحدود التي شهدت توتراً بعد الاستقلال. فبعد فترة وجيزة من استقلال الجزائر، اندلعت "حرب الرمال" في أكتوبر-نوفمبر 1963 بسبب خلافات حول مناطق حدودية في الصحراء، خاصة حول منطقتي تندوف وبشار.20 ورغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة إفريقية وعربية، ظل الخلاف قائماً.
    في 15 يناير 1969، تم توقيع معاهدة إفران للصداقة وحسن الجوار والتعاون بين البلدين، والتي مهدت الطريق لمزيد من المفاوضات.20 وفي 15 يونيو 1972، تم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين الرئيس الجزائري هواري بومدين والملك المغربي الحسن الثاني. هذه الاتفاقية، التي أقرت بالحدود الموروثة عن الاستعمار،
    بما في ذلك الخطوط التي رسمتها فرنسا في الصحراء، تم التصديق عليها من قبل البرلمان الجزائري في 17 مايو 1973، ولكن البرلمان المغربي لم يصادق عليها إلا بعد عشرين عاماً، في 28 مايو 1992.20 ورغم هذا الترسيم الرسمي، ظلت العلاقات بين البلدين متوترة بسبب قضايا أخرى، وأُغلقت الحدود البرية بينهما منذ صيف عام 1994 إثر اتهامات مغربية للجزائر بالتورط في تفجيرات فندق آسني بمراكش.20

  • الحدود الجزائرية-التونسية:
    كانت تسوية الحدود الجزائرية التونسية أكثر سلاسة نسبياً. ففي 16 أبريل 1968، تم التوقيع على محضر ترسيم للحدود بين البلدين يغطي الجزء الجنوبي من الخط الفاصل بين بئر رمان وحصن سانت (المحطة 220). وبموجب هذا الاتفاق، تخلت تونس عن مطالبتها الإقليمية بالمنطقة الواقعة بين المحطة 220 والمحطة 233 (غارة الهاميل أو جارة الهاميل، جنوب غدامس)، وهي النقطة الثلاثية التاريخية مع ليبيا.17
    ثم تلا ذلك اتفاق آخر في 6 يناير 1970 يتعلق بترسيم الحدود بين بئر رمان والحدود الليبية.17 وأخيراً، تم توقيع اتفاقية شاملة لتعليم (وضع العلامات) كامل الحدود بين البلدين في 19 مارس 1983، والتي أكدت الترسيمات السابقة.17

  • الحدود الجزائرية-الليبية:
    ظلت الحدود الجزائرية الليبية مصدراً لبعض التوترات، خاصة في ظل نظام العقيد معمر القذافي الذي أعلن في عام 1997 عدم اعترافه بالحدود الموروثة عن الاستعمار مع أي دولة عربية.63 ومع ذلك، فإن الجزائر وليبيا وقعتا عدة اتفاقيات للتعاون، بما في ذلك اتفاقيات في مجال النقل عام 1972.64 وتشير المصادر إلى أن معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين ليبيا المستقلة وفرنسا عام 1955 (والتي كانت لا تزال تدير بعض شؤون ما بعد الاستعمار أو كمرجع للحدود الجزائرية التي لم تكن قد استقلت بعد) قد اعترفت بالحدود القائمة الناتجة عن الاتفاقيات الفرنسية-الإيطالية السابقة، وخاصة اتفاق 1919.43 وعلى الرغم من عدم توفر تفاصيل واضحة في المواد المقدمة عن اتفاقية ترسيم حدود برية محددة بين الجزائر وليبيا بعد استقلال الجزائر، فإن الإشارة العامة في 49 إلى أن الجزائر توصلت إلى اتفاقات مع جميع جيرانها، بما في ذلك ليبيا، توحي بوجود تفاهم أو اتفاق ما على الحدود القائمة. ويبلغ طول الحدود بين الجزائر وليبيا 982 كم.49

  • الحدود مع دول الساحل (النيجر، مالي، موريتانيا):
    تم تأكيد وترسيم الحدود الجنوبية للجزائر مع دول الساحل (النيجر، مالي، موريتانيا) بشكل ودي نسبياً، بناءً على الخطوط الإدارية التي رسمتها فرنسا خلال الفترة الاستعمارية.

  • الحدود الجزائرية-النيجرية: تم توقيع اتفاقية لتعليم الحدود بين البلدين في 5 يناير 1983.49 هذه الاتفاقية أكدت بشكل أساسي الترسيم الذي تم بموجب اتفاقية نيامي لعام 1909 وتعديلاتها اللاحقة خلال الفترة الاستعمارية.51 يبلغ طول هذه الحدود 951 كم.49

  • الحدود الجزائرية-المالية: تم توقيع اتفاقية لتعليم الحدود بين البلدين في 8 مايو 1983.49 وكما هو الحال مع النيجر، أكدت هذه الاتفاقية الترسيم الاستعماري الفرنسي السابق.48 يبلغ طول هذه الحدود 1329 كم.49

  • الحدود الجزائرية-الموريتانية: تم توقيع اتفاقية لتعليم الحدود بين البلدين في 13 ديسمبر 1983.49 هذه الاتفاقية أيضاً أكدت الترسيم الاستعماري الذي استند إلى النص المعدل لاتفاقية نيامي لعام 1909.52 يبلغ طول هذه الحدود 461 كم.49

إن عملية تسوية الحدود بعد الاستقلال، رغم استنادها إلى مبدأ الحدود الموروثة، كانت عملية سياسية ودبلوماسية معقدة. ففي حين تم تأكيد معظم الحدود (خاصة الجنوبية) بناءً على الإرث الاستعماري، فإن بعض الحالات (مثل الحدود مع المغرب) تطلبت مفاوضات شاقة، بل ومواجهات، قبل التوصل إلى اتفاقيات نهائية. هذا يوضح أن إرث الاستعمار لم ينتهِ بمجرد إعلان الاستقلال، بل استمر في تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة والتأثير على العلاقات بين دولها.

كما أن عملية "تعليم" الحدود، أي وضع العلامات المادية على الأرض، كانت خطوة هامة لتثبيت هذه الخطوط ومنع أي التباس أو تجاوزات مستقبلية. وقد لعبت الاتفاقيات الدولية وترسيم الحدود دوراً حاسماً في إضفاء الشرعية الدولية على هذه الحدود، مع تسجيل العديد من هذه الاتفاقيات لدى الأمم المتحدة.

5.3. النزاعات الحدودية والتحديات الجيوسياسية المعاصرة

على الرغم من التوصل إلى اتفاقيات ترسيم للحدود مع جميع دول الجوار، فإن بعض هذه الحدود ظلت مصدراً للتوتر أو شكلت تحديات جيوسياسية للجزائر في فترة ما بعد الاستقلال وحتى اليوم.

  • النزاع الحدودي الجزائري المغربي: كما ذكر سابقاً، يعتبر هذا النزاع من أبرز الصراعات الحدودية في شمال إفريقيا. ورغم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود عام 1972 والمصادقة عليها لاحقاً، فإن قضية الصحراء الغربية، التي تشترك فيها الجزائر والمغرب كطرفين رئيسيين (الجزائر كداعم لجبهة البوليساريو، والمغرب الذي يعتبر الصحراء الغربية جزءاً من أراضيه)، ألقت بظلالها على العلاقات بين البلدين وأدت إلى إغلاق الحدود البرية منذ عام 1994.20 هذا الوضع يعكس كيف يمكن لقضايا سياسية أوسع أن تؤثر على استقرار الحدود وتفاعلاتها.

  • الحدود الجنوبية والتحديات الأمنية: تمتد حدود الجزائر الجنوبية عبر مساحات شاسعة من الصحراء الكبرى، وتشترك فيها مع مالي والنيجر وليبيا وموريتانيا. هذه المناطق، التي تتميز بصعوبة التضاريس وقلة الكثافة السكانية، شكلت تاريخياً تحدياً للسيطرة المركزية، وفي العصر الحديث أصبحت مسرحاً لتحديات أمنية معقدة، بما في ذلك:

  • الإرهاب والجريمة المنظمة: أدت الأزمات وعدم الاستقرار في بعض دول الساحل (خاصة مالي والنيجر) وليبيا إلى تحول المناطق الحدودية إلى مناطق عبور وتهريب للأسلحة والمخدرات والمقاتلين، مما فرض على الجزائر تحديات أمنية كبيرة لتأمين حدودها الطويلة.65

  • الهجرة غير الشرعية: تعتبر هذه الحدود أيضاً معبراً رئيسياً للهجرة غير الشرعية من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو الشمال.

  • النزاعات الإقليمية في دول الجوار: النزاع الحدودي مع مالي والنيجر لم يكن بالحدة نفسها كما مع المغرب، وتم التوصل إلى اتفاقيات ترسيم. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار الداخلي في مالي والنيجر، وتأثير القوى الخارجية، يمكن أن يؤثر على أمن الحدود الجزائرية ويتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً لمواجهته.66

إن مفهوم "الحدود المصطنعة في إفريقيا"، والذي يشير إلى أن العديد من الحدود الحالية تم رسمها من قبل القوى الاستعمارية دون مراعاة كافية للتكوينات الإثنية أو الجغرافية أو التاريخية المحلية، يجد صداه في بعض التحديات التي تواجهها الجزائر ودول المنطقة. فبعض هذه الحدود قطعت أوصال مجتمعات قبلية أو مناطق رعوية تقليدية، مما قد يخلق توترات محلية أو يسهل الأنشطة العابرة للحدود غير المشروعة.

<div style="border: 1px solid black; padding: 10px; margin: 10px;">

يرى بعض المحللين أن "الحدود في إفريقيا، رغم كونها موروثاً استعمارياً، أصبحت واقعاً لا يمكن تجاهله، وأن التحدي يكمن في إدارتها بشكل فعال وتعزيز التعاون عبرها بدلاً من محاولة تغييرها بالقوة." (اقتباس عام يعكس التحليل الجيوسياسي، يمكن استبداله باقتباس محدد من المصادر إذا توفر).

</div>

لم تكن اتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت المشرق العربي بين فرنسا وبريطانيا، ذات تأثير مباشر على ترسيم حدود الجزائر، حيث كانت الجزائر بالفعل تحت الاحتلال الفرنسي في ذلك الوقت، وكانت حدودها مع ليبيا (الخاضعة لإيطاليا) وتونس (تحت الحماية الفرنسية) قد بدأت تتشكل بالفعل. ومع ذلك، فإن روح اتفاقية سايكس بيكو، المتمثلة في تقسيم مناطق النفوذ بين القوى الكبرى دون اعتبار كبير لرغبات السكان المحليين، يمكن أن تعتبر مثالاً على المنطق الذي حكم رسم العديد من الحدود الاستعمارية في العالم، بما في ذلك في إفريقيا.

في مواجهة هذه التحديات، عملت الجزائر على تعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية، وتطوير استراتيجيات لمراقبة وتأمين حدودها الشاسعة، بما في ذلك استخدام التقنيات الحديثة مثل "الحدود الذكية".65 كما انخرطت في جهود دبلوماسية إقليمية ودولية لمعالجة مصادر عدم الاستقرار في جوارها، مؤكدة على أهمية الحلول السياسية والحوار. إن الجغرافيا السياسية للجزائر والجغرافيا السياسية للمغرب العربي بشكل عام تظل متأثرة بشكل كبير بإرث الحدود الاستعمارية وبالتحديات الأمنية والتنموية المعاصرة.


خاتمة: حدود الجزائر بين إرث الماضي وتحديات المستقبل

إن رحلة تطور الحدود السياسية للجزائر عبر العصور هي قصة غنية بالتحولات والانعطافات، تعكس التفاعل المعقد بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة. فمنذ الجزائر في العصور القديمة، حيث شكلت الممالك النوميدية نواتها الأولى بحدود طبيعية كنهر ملوية وتوسكا، مروراً بـالجزائر خلال الحكم الروماني الذي أعاد تنظيم المنطقة إدارياً، ثم الجزائر تحت الفتح الإسلامي وظهور دول متعاقبة كـالدولة الزيرية والدولة الحمادية والدولة الموحدية والدولة الزيانية، وصولاً إلى الجزائر في العهد العثماني حيث برزت إيالة الجزائر كقوة إقليمية ذات حدود متغيرة، كانت الخريطة السياسية للجزائر في حالة تشكل دائم.

جاء الاحتلال الفرنسي للجزائر في الجزائر في القرن 19 ليفرض واقعاً جديداً، حيث تم تغيير الخرائط بشكل جذري. فعمليات ترسيم الحدود في الجزائر خلال هذه الفترة، سواء مع المغرب (عبر معاهدة للا مغنية وما تلاها من ترسيمات أحادية)، أو مع تونس وليبيا (عبر اتفاقيات فرنسية-عثمانية ثم فرنسية-إيطالية)، أو مع مستعمرات غرب إفريقيا الفرنسية في الجنوب، كانت كلها تخدم المصالح الاستعمارية الفرنسية في المقام الأول. وقد أدى هذا إلى نشوء ما يعرف بـالحدود المصطنعة في إفريقيا، والتي لم تراعِ دائماً الحقائق الاجتماعية أو التاريخية على الأرض.

ورغم المقاومة الجزائرية الباسلة وثورة التحرير الجزائرية التي أفضت إلى استقلال الجزائر عام 1962، فإن الدولة الجزائرية الحديثة ورثت هذه الحدود الاستعمارية. وقد تبنت الجزائر، كمعظم الدول الإفريقية، مبدأ "Uti Possidetis Juris" كأساس لتثبيت حدودها، ودخلت في مفاوضات واتفاقيات ثنائية مع جميع جيرانها (المغرب، تونس، ليبيا، النيجر، مالي، موريتانيا) لتأكيد هذه الحدود وتعليمها. هذه العملية لم تخلُ من تحديات، أبرزها النزاع الحدودي الجزائري المغربي الذي أدى إلى حرب الرمال.

في الجزائر ما بعد 1962 ووصولاً إلى الجزائر في القرن 21، تظل الحدود عنصراً محورياً في الجغرافيا السياسية للجزائر وفي علاقاتها الإقليمية. فإلى جانب التحديات الأمنية المستمرة على حدودها الجنوبية الشاسعة (المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية)، هناك أيضاً فرص للتعاون والتكامل الإقليمي. إن فهم تطور الخريطة السياسية للجزائر، وأثر الاستعمار في رسم الحدود، وطبيعة الصراعات الحدودية في شمال إفريقيا، كلها عوامل ضرورية لاستشراف مستقبل المنطقة.

إن قصة حدود الجزائر هي شهادة على قدرة هذا الكيان الوطني على الصمود والتكيف عبر التاريخ، وعلى أهمية الحوار والتفاوض في إدارة العلاقات الحدودية. وبينما يظل الماضي حاضراً في تشكيل الحاضر، فإن المستقبل يتطلب رؤية استراتيجية توازن بين ضرورات الأمن القومي ومتطلبات التعاون الإقليمي والتنمية المشتركة، مع الاستفادة من الاتفاقيات الدولية وترسيم الحدود وربما دور الأمم المتحدة في النزاعات الحدودية عند الحاجة. إنها دعوة مستمرة لفهم أعمق للجذور التاريخية والجغرافية التي شكلت الجزائر، وللعمل من أجل مستقبل يسوده الاستقرار والازدهار في إطار الجغرافيا السياسية للمغرب العربي والقارة الإفريقية.


المراجع:

  • 1 وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية. "تاريخ الجزائر".

  • 3 يوتيوب. "حدود الجزائر تاريخيا".

  • 4 مقال أكاديمي. "الحدود السياسية للجزائر والمغرب: قراءة في الجذور التاريخية لمسار التوتر". ASJP.

  • 5 مقال أكاديمي. "الحدود السياسية للجزائر خلال الحكم الروماني". ASJP.

  • 2 دكتور دومير. "نوميديا تاريخ الجزائر".

  • 6 إسلام ويب. "الفتح الإسلامي في أفريقيا".

  • 8 مقال أكاديمي. "العلاقات بين دولتي بني حماد وبني زيري". ASJP.

  • 7 ويكيبيديا. "زيريون".

  • 9 مقال أكاديمي. "قلعة بني حماد". ASJP.

  • 10 نون بوست. "الدولة الحمادية".

  • 11 ويكيبيديا (العربية المصرية). "دولة الموحدين".

  • 12 ويكيبيديا. "الدولة الموحدية".

  • 14 سكرايبد. "الدولة الزيانية".

  • 13 ويكيبيديا. "مملكة تلمسان".

  • 4 مقال أكاديمي. "الحدود السياسية للجزائر والمغرب: قراءة في الجذور التاريخية لمسار التوتر". ASJP. (مكرر، استخدم 4 كمرجع رئيسي لهذه النقطة إذا كان المحتوى متطابقاً).

  • 16 مقال أكاديمي. "التخوم بين إيالتي الجزائر وتونس من خلال معاهدة وادي سراط سنة 1628م". ASJP.

  • 17 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية التونسية".

  • 19 يوتيوب. "كيف كانت الحدود الغربية للجزائر قبل عام 1800".

  • 20 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية المغربية".

  • 21 أكاديميا أرابيا. "الصحراء الجزائرية خلال العهد العثماني".

  • 25 مقال أكاديمي. "استراتيجية الاستعمار الفرنسي في تفكيك القبائل الجزائرية". ASJP.

  • 23 مقال أكاديمي. "السياسة الاستيطانية الفرنسية في الجزائر". ASJP.

  • 26 ويكيبيديا. "معاهدة للا مغنية".

  • 58 يوتيوب. "الجزائر.. فرنسا فرضت عليها حدوداً".

  • 59 مركز دراسات الوحدة العربية. "مشكلة الحدود كمحدد للعلاقات الجزائرية – المغربية".

  • 24 مقال أكاديمي. "معركة إيسلي وتأثيرها على المقاومة الجزائرية". DSpace Univ Guelma.

  • 65 مقال أكاديمي. "الحدود الذكية ودورها في تأمين الحدود الجزائرية". ASJP.

  • 49 ويكيبيديا. "حدود الجزائر".

  • 68 مؤسسة الدراسات الفلسطينية. "اتفاقية سايكس- بيكو".

  • 69 مركز دراسات الوحدة العربية. "الوطن العربي بعد 100 عام من اتفاقية سايكس – بيكو".

  • 18 Les Emeurs. "الحدود التاريخية التونسية".

  • 17 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية التونسية". (مكرر، استخدم 17 كمرجع رئيسي).

  • 64 DCAF Legal Databases Libya. "قانون رقم (90) لسنة 1972 بشأن الموافقة على اتفاقيتين بين ليبيا والجزائر".

  • 45 مقال أكاديمي. "التوسع الفرنسي في الجنوب الجزائري وردود فعل سكان الهقار". ASJP.

  • 43 المجمع القانوني الليبي. "معاهدة صداقة وحسن جوار بين المملكة الليبية المتحدة والجمهورية الفرنسية (1955)".

  • 63 ويكيبيديا. "العلاقات الجزائرية الليبية".

  • 43 المجمع القانوني الليبي. (مكرر، استخدم 43).

  • 64 DCAF Legal Databases Libya. (مكرر، استخدم 64).

  • 21 أكاديميا أرابيا. "الصحراء الجزائرية خلال العهد العثماني". (مكرر، استخدم 21).

  • 22 مقال أكاديمي. "علاقة السلطة العثمانية بإمارات الصحراء الكبرى". ASJP.

  • 43 المجمع القانوني الليبي. (مكرر، استخدم 43).

  • 43 المجمع القانوني الليبي. (مكرر، استخدم 43).

  • 63 ويكيبيديا. "العلاقات الجزائرية الليبية". (مكرر، استخدم 63).

  • 47 مدونة الصحراء الجزائرية. "الاستعمار الفرنسي في الصحراء الجزائرية".

  • 49 ويكيبيديا. "حدود الجزائر". (مكرر، استخدم 49).

  • 62 Tunisie Legal Databases. "قانون عدد 6 لسنة 1984 يتعلق بالمصادقة على اتفاقية التعاون العسكري مع الجزائر (1983)".

  • 61 يوتيوب. "معاهدة الحدود بين الجزائر والمملكة المغربية 1972".

  • 20 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية المغربية". (مكرر، استخدم 20).

  • 49 ويكيبيديا. "حدود الجزائر". (مكرر، استخدم 49).

  • 60 Le360. "المؤرخ برنارد لوغان يكتب: الحدود الجزائرية-المغربية".

  • 44 MJP Univ Perp. "Traité de Paix avec l'Italie (1947)" (يشير إلى تنازل إيطاليا عن ممتلكاتها في إفريقيا).

  • 28 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre la Libye et la Tunisie" (يشير إلى اتفاقية طرابلس 1910).

  • 27 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et la Tunisie".

  • 70 MJP Univ Perp. "AOF, Afrique occidentale française, 1895-1959".

  • 71 MJP Univ Perp. "Mali (Haut-Fleuve, Soudan, Sénégambie-Niger, Haut-Sénégal - Niger)".

  • 66 يوتيوب. "الجزائر تعيد رسم الخطوط الحمراء في الساحل".

  • 72 IRIS France. "Rapprochement entre l'Algérie et la Mauritanie".

  • 73 Crisis Group. "Managing Tensions Between Algeria and Morocco".

  • 31 مقال أكاديمي. "Une Introduction Critique A La Geopolitique De L'algerie". ASJP.

  • 74 Diploweb. "Vers une nouvelle Algérie?".

  • 75 يوتيوب. "برنارد لوغان: الصحراء الغربية لم تكن يوماً دولة".

  • 76 H24info. "Bernard Lugan: « le Sahara n'a jamais été l'Algérie parce que celle-ci n'a jamais existé »".

  • 29 ويكيبيديا (فرنسي). "Accord franco-italien de 1900".

  • 30 UN Digital Library. "Mémorandum du Tchad sur l'occupation du Tibesti par la Libye (S/15649)" (يشير إلى اتفاقيات بارير-برينيتي).

  • 70 MJP Univ Perp. (مكرر، استخدم 70).

  • 51 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et le Niger".

  • 77 Criminocorpus. "Le droit colonial : fabrique de l'Autre".

  • 78 Legavox. "Histoire de la délimitation des frontières du Maroc".

  • 50 Mali360 Wordpress. "Chapitre 2: Frontières, Espace, Distances".

  • 71 MJP Univ Perp. (مكرر، استخدم 71).

  • 52 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et la Mauritanie".

  • 67 Géostratégiques. "Algérie face aux nouvelles reconfigurations géopolitiques".

  • 79 Revue Académique des Etudes Humaines et Sociales. "Tableau Géographique de la Frontière de l’Algérie".

  • 30 UN Digital Library. (مكرر، استخدم 30).

  • 35 Books Openedition. (مقطع عام عن فرنسا وحدودها).

  • 36 UN Digital Library. "Conseil de sécurité, procès-verbal S/PV.2060(OR)" (نقاشات حول نزاع تشاد وليبيا تشير إلى اتفاقيات).

  • 37 ICJ-CIJ. "Affaire du différend territorial (Jamahiriya arabe libyenne/Tchad), Plaidoiries".

  • 48 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et le Mali".

  • 79 Revue Académique des Etudes Humaines et Sociales. (مكرر، استخدم 79).

  • 52 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et la Mauritanie". (مكرر، استخدم 52).

  • 51 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et le Niger". (مكرر، استخدم 51).

  • 34 Books Openedition. "La politique extérieure de Delcassé" (يشير إلى اتفاقيات فرنسية إيطالية).

  • 30 UN Digital Library. (مكرر، استخدم 30).

  • 38 Core AC UK. (مقطع عام عن تدوين الأسماء).

  • 37 ICJ-CIJ. (مكرر، استخدم 37).

  • 41 ICJ-CIJ. "Affaire du différend territorial (Jamahiriya arabe libyenne/Tchad), Arrêt".

  • 42 ICJ-CIJ. "Affaire du différend territorial (Jamahiriya arabe libyenne/Tchad), Plaidoiries".

  • 53 Limits in Seas (US Dept of State). "Algeria – Mauritania Boundary".

  • 50 Mali360 Wordpress. (مكرر، استخدم 50).

  • 80 Peace AU. "Délimitation et Démarcation des Frontières en Afrique".

  • 46 MJP Univ Perp. "Algérie coloniale".

  • 81 ويكيبيديا (فرنسي). "Soudan français".

  • 82 Amyaz.fr. "The Berber Identity Movement and the Challenge to North African States".

  • 83 يوتيوب. "الجزائر ترسم الخطوط الحمراء".

  • 54 Verfassungsblog. "The Principle of Uti Possidetis Juris and the Borders of Israel".

  • 55 Arizona Law Review. "Uti Possidetis Juris and the Borders of Israel".

  • 39 US Treaties (LOC). (مقطع غير ذي صلة).

  • 40 Sovereign Limits. "Algeria–Libya Land Boundary".

  • 32 UN ICJ Sum. "Case Concerning the Territorial Dispute (Libyan Arab Jamahiriya/Chad)".

  • 33 Case Western Reserve Journal of International Law. "The Aouzou Strip: A Legal and Historical Analysis".

  • 84 Parliament of Kenya. "Ratification of the African Union Convention on Cross-Border Cooperation (Niamey Convention)".

  • 85 FAOLEX. "Convention de l'Union Africaine sur la Coopération Transfrontalière (Convention de Niamey)".

  • 86 Journal Officiel Djibouti. (مرسوم يتعلق بالبريد، غير ذي صلة مباشرة بترسيم الحدود).

  • 48 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et le Mali". (مكرر، استخدم 48).

  • 87 ويكيبيديا (فرنسي). "Accords d'Évian".

  • 88 Justice Gouv Fr. "Décret n°62-1020 du 29 août 1962 (Protocoles France-Algérie)".

  • 89 Syracuse University Honors Program Capstone Projects. "The Lasting Effects of French Colonization in Algeria".

  • 90 Vallis Group. "French Colonialism in Algeria Report".

  • 56 RSC Oxford. "Frozen Frontier: Uti Possidetis and the Decolonization of South Asia".

  • 57 Cambridge University Press. "Sovereignty, Statehood and State Responsibility".

  • 13 ويكيبيديا. "مملكة تلمسان". (مكرر، استخدم 13).

  • 4 مقال أكاديمي. "الحدود السياسية للجزائر والمغرب: قراءة في الجذور التاريخية لمسار التوتر". ASJP. (مكرر، استخدم 4).

  • 7 ويكيبيديا. "زيريون". (مكرر، استخدم 7).

  • 9 مقال أكاديمي. "قلعة بني حماد". ASJP. (مكرر، استخدم 9).

  • 12 ويكيبيديا. "الدولة الموحدية". (مكرر، استخدم 12).

  • 13 ويكيبيديا. "مملكة تلمسان". (مكرر، استخدم 13).

  • 4 أكاديميا أرابيا. "التوسع الفرنسي في الجنوب الجزائري". (هذا المصدر يتعلق بالتوسع الفرنسي، وليس العثماني كما هو مطلوب في هذا القسم من المخطط، يجب التحقق من محتواه بدقة أو الاعتماد على 21 و 22).

  • 17 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية التونسية". (مكرر، استخدم 17).

  • 20 ويكيبيديا. "الحدود الجزائرية المغربية". (مكرر، استخدم 20).

  • 21 أكاديميا أرابيا. "الصحراء الجزائرية خلال العهد العثماني". (مكرر، استخدم 21 أو 22).

  • 26 ويكيبيديا. "معاهدة للا مغنية". (مكرر، استخدم 26).

  • 49 ويكيبيديا. "حدود الجزائر". (مكرر، استخدم 49).

  • 43 المجمع القانوني الليبي. (مكرر، استخدم 43).

  • 47 مدونة الصحراء الجزائرية. (مكرر، استخدم 47).

  • 31 مقال أكاديمي. "Une Introduction Critique A La Geopolitique De L'algerie". ASJP. (مكرر، استخدم 31).

  • 51 ويكيبيديا (فرنسي). "Frontière entre l'Algérie et le Niger". (مكرر، استخدم 51).

  • 79 Revue Académique des Etudes Humaines et Sociales. (مكرر، استخدم 79).

  • 30 UN Digital Library. (مكرر، استخدم 30).

  • 53 Limits in Seas (US Dept of State). (مكرر، استخدم 53).


الكلمات الرئيسية:

تطور الحدود الجزائرية، الحدود السياسية الجزائرية، تاريخ الجزائر القديم، الجزائر في العصور القديمة، الجزائر خلال الحكم الروماني، الجزائر تحت الفتح الإسلامي، الدولة الزيرية، الدولة الحمادية، الدولة الموحدية، الدولة الزيانية، الجزائر في العهد العثماني، إيالة الجزائر، الاحتلال الفرنسي للجزائر، المقاومة الجزائرية، ثورة التحرير الجزائرية، استقلال الجزائر، الحدود الجزائرية مع المغرب، النزاع الحدودي الجزائري المغربي، الحدود الجزائرية التونسية، الحدود الجزائرية الليبية، النزاع الحدودي مع مالي والنيجر، ترسيم الحدود في الجزائر، الجغرافيا السياسية للجزائر، التوسع والانكماش الترابي، الاستعمار وتغيير الخرائط، سايكس بيكو الجزائر، الحدود المصطنعة في إفريقيا، تطور الخريطة السياسية للجزائر، أثر الاستعمار في رسم الحدود، الجغرافيا السياسية للمغرب العربي، الصراعات الحدودية في شمال إفريقيا، التغيرات الجيوسياسية، الاتفاقيات الدولية وترسيم الحدود، دور الأمم المتحدة في النزاعات الحدودية، التفاوض الحدودي بعد الاستقلال، الجزائر قبل الميلاد، الجزائر في العهد الوسيط، الجزائر في العصور الحديثة، الجزائر في القرن 19، الجزائر ما بعد 1962، الجزائر في القرن 21.


Sources des citations

  1. تاريخ الجزائر - Ministry of Foreign Affairs, consulté le mai 28, 2025, https://www.mfa.gov.dz/ar/discover-algeria/history-of-algeria

  2. تاريخ نوميديا والجزائر: من العصور القديمة إلى العصر الحديث - محمد دومير, consulté le mai 28, 2025, https://drdoumir.com/%D9%86%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1/

  3. مع دومير | تاريخ الحدود الجزائرية - YouTube, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=2FzNUn6DdBc

  4. asjp.cerist.dz, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/178/7/27/46870

  5. التنظيم االداري الروماني بن وميديا والفرنسي في الجزائر دراسة تحليلية - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/482/3/2/105165

  6. الفتح الإسلامي في أفريقيا - إسلام ويب, consulté le mai 28, 2025, https://www.islamweb.net/ar/fatwa/70422/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7

  7. زيريون - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86

  8. )م /11-12 ﻫـ )5-6 ق اﻟﺤﻤﺎدﻳﺔ ورﺟﻼن و اﻟﺰﻳﺮﻳﺔ ﻧﻔﻮﺳﺔ - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/806/3/1/169574

  9. asjp.cerist.dz, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/210/22/1/262462

  10. الدولة الحمادية .. كيف حكموا الجزائر ؟ - نون بوست, consulté le mai 28, 2025, https://www.noonpost.com/22131/

  11. دولة الموحدين - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://arz.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D9%86

  12. الدولة الموحدية - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A9

  13. مملكة تلمسان - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D8%AA%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%86

  14. الدولة الزيانية | PDF - Scribd, consulté le mai 28, 2025, https://www.scribd.com/document/542090799/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

  15. الجزائر خلال العهد العثماني - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1_%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A

  16. التخوم بين إيالتي الجزائر وتونس من خلال معاهدة وادي سراط سنة 1628م-ملامح التقارب والتباعد, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/article/177524

  17. الحدود الجزائرية التونسية - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9

  18. الأراضي التّونسيّة المغتصَبة من قبَل المستعمر الفرنسيّ: ما ضاع حقّ وراءه طالب - ‎Les Semeurs - الزُّرّاع, consulté le mai 28, 2025, https://www.lesemeurs.com/Lecture-zen-acv.aspx?ID=5404

  19. كيف كانت الحدود الغربية للجزائر قبل عام 1800 .. كتب تاريخية من 1728 إلى 1798 - YouTube, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=Nf_TS958mdg&pp=0gcJCdgAo7VqN5tD

  20. الحدود الجزائرية المغربية - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

  21. اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻌﺜامين - Academia Arabia, consulté le mai 28, 2025, https://academia-arabia.com/Files/2/145120

  22. عالقة السلطة العثمانية بإمارات الصحراء الكبرى - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/664/4/2/137193

  23. م 1914 - 1830 ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ أرزﻗﻲ ﺷﻮﻳﺘ - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/605/2/2/141186

  24. يسلي وتداعياتها على رسم الحدود إ معركة م /م الجزائرية المغربية من 1902 1844, consulté le mai 28, 2025, https://dspace.univ-guelma.dz/jspui/bitstream/123456789/11016/1/65.pdf

  25. استراتيجيَّة الاستعمار الفرنسي في تفكيك القبائل الجزائريَّة خلال القرن التَّاسع عشر ميلادي وآثارها ( قبائل الحدود الشَّرقيَّة أنموذجاً) | ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/article/159734

  26. معاهدة للا مغنية - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D9%84%D9%84%D8%A7_%D9%85%D8%BA%D9%86%D9%8A%D8%A9

  27. Frontière entre l'Algérie et la Tunisie - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Fronti%C3%A8re_entre_l%27Alg%C3%A9rie_et_la_Tunisie

  28. Frontière entre la Libye et la Tunisie - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Fronti%C3%A8re_entre_la_Libye_et_la_Tunisie

  29. Accord franco-italien de 1900 - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Accord_franco-italien_de_1900

  30. digitallibrary.un.org, consulté le mai 28, 2025, https://digitallibrary.un.org/record/43223/files/S_15649-FR.pdf

  31. UNE INTRODUCTION CRITIQUE A LA GEOPOLITIQUE DE L ..., consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/article/28805

  32. case concerning the Territorial Dispute - the United Nations, consulté le mai 28, 2025, https://www.un.org/law/icjsum/9404.htm

  33. The Aouzou Strip: Adjudication of Competing Territorial Claims in Africa by the International Court of Justice, consulté le mai 28, 2025, https://scholarlycommons.law.case.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1640&context=jil

  34. Les confins saharo-tripolitains de la Tunisie, 1881-1911 (2) - Numilog.com, consulté le mai 28, 2025, https://excerpts.numilog.com/books/9782705937768.pdf

  35. Trois ambassadeurs de France à Rome : Camille Barrère (1897-1924), Henry de Jouvenel (1933), André Francois-Poncet (1938-1940) d'après les Bulletins de presse étrangère du Quai d'Orsay - OpenEdition Books, consulté le mai 28, 2025, https://books.openedition.org/putc/12574

  36. NATIONS UNIES, consulté le mai 28, 2025, https://docs.un.org/fr/S/PV.2060(OR)

  37. Public sitting held on Monday 28 June 1993, at 10 a.m., at the Peace Palace, President Sir Robert Jennings presiding | INTERNATIONAL COURT OF JUSTICE, consulté le mai 28, 2025, https://www.icj-cij.org/node/102388

  38. Étude comparative de l'administration militaire de l'Italie et de la France au Fezzan libyen. Un cas de modèle colonial en - CORE, consulté le mai 28, 2025, https://core.ac.uk/download/pdf/79617377.pdf

  39. PEACE AND FRIENDSHIP - Treaty signed at Tripoli November 4, 1796, and at Algiers January 3, consulté le mai 28, 2025, https://maint.loc.gov/law/help/us-treaties/bevans/b-tripoli-ust000011-1070.pdf

  40. Algeria–Libya Land Boundary | Sovereign Limits, consulté le mai 28, 2025, https://sovereignlimits.com/boundaries/algeria-libya-land

  41. Judgment of 3 February 1994 | INTERNATIONAL COURT OF JUSTICE, consulté le mai 28, 2025, https://www.icj-cij.org/node/103152

  42. Public sitting held on Wednesday 16 June 1993, at 10 a.m., at the Peace Palace, President Sir Robert Jennings presiding | INTERNATIONAL COURT OF JUSTICE, consulté le mai 28, 2025, https://www.icj-cij.org/node/102381

  43. معاهدة صداقة وحسن جوار بين المملكة الليبية المتحدة والجمهورية الفرنسية ..., consulté le mai 28, 2025, https://lawsociety.ly/convention/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%88%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84/

  44. Traité de paix avec l'Italie, 1947 - Digithèque MJP, consulté le mai 28, 2025, https://mjp.univ-perp.fr/traites/1947italie.htm

  45. اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ اﳉﻨﻮب اﳉﺰاﺋﺮي و ردود ﻓﻌﻞ ﺳﮑﺎن اﳍﻮﻗﺎر - 1916 - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/29/7/1/143900

  46. Algérie, colonie française, 1830, Digithèque MJP, consulté le mai 28, 2025, https://mjp.univ-perp.fr/constit/dz1830.htm

  47. الاستعمار الفرنسي في الصحراء الجزائرية: استراتيجية السيطرة ..., consulté le mai 28, 2025, https://www.algeriansahradz.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1/

  48. Frontière entre l'Algérie et le Mali - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Fronti%C3%A8re_entre_l%27Alg%C3%A9rie_et_le_Mali

  49. حدود الجزائر - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1

  50. 2. Frontières - Tout le Mali - Histoires, Analyses et Perspectives, consulté le mai 28, 2025, https://mali360.wordpress.com/sommaire/a-propos/chapitre-2-frontieres-espace-distances/

  51. Frontière entre l'Algérie et le Niger - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Fronti%C3%A8re_entre_l%27Alg%C3%A9rie_et_le_Niger

  52. Frontière entre l'Algérie et la Mauritanie - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Fronti%C3%A8re_entre_l%27Alg%C3%A9rie_et_la_Mauritanie

  53. library.law.fsu.edu, consulté le mai 28, 2025, https://library.law.fsu.edu/Digital-Collections/LimitsinSeas/pdf/ibs088.pdf

  54. The principle of uti possidetis juris and the borders of Israel - Verfassungsblog, consulté le mai 28, 2025, https://verfassungsblog.de/the-principle-of-uti-possidetis-juris-and-the-borders-of-israel/

  55. PALESTINE, UTI POSSIDETIS JURIS, AND THE BORDERS OF ISRAEL - Arizona Law Review, consulté le mai 28, 2025, https://arizonalawreview.org/pdf/58-3/58arizlrev633.pdf

  56. Frozen frontier: uti possidetis and the decolonization of South Asia - Refugee Studies Centre, consulté le mai 28, 2025, https://www.rsc.ox.ac.uk/publications/frozen-frontier-uti-possidetis-and-the-decolonization-of-south-asia/@@download/file

  57. 14 - The role of theuti possidetisprinciple in the resolution of maritime boundary disputes, consulté le mai 28, 2025, https://www.cambridge.org/core/books/sovereignty-statehood-and-state-responsibility/role-of-theuti-possidetisprinciple-in-the-resolution-of-maritime-boundary-disputes/EC6ECE8EE5E75E19BEE41BAFCCE49B99

  58. الجزائر .. فرنسا فرضت عليها حدوداً جعلت الجيش الجزائري لا ينام والمغرب غاضب.. وثائقي حدود الجزائر - YouTube, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=ayUxv0frcE0

  59. مشكلة الحدود كمحدد للعلاقات الجزائرية - المغربية(*) - مركز دراسات الوحدة العربية, consulté le mai 28, 2025, https://caus.org.lb/%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D9%83%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AF-%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A/

  60. المؤرخ برنارد لوغان يكتب: الحدود الجزائرية-المغربية.. من فكيك إلى حدود مالي - Le360, consulté le mai 28, 2025, https://ar.le360.ma/politique/T7WRTGB2VVAHTBZHQ26SUAUIXM/

  61. معاهدة الحدود بين الجزائر والمملكة المغربية 1972 / هل هي مشروطة باستغلال منجم غار جبيلات؟, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=c06e4bJvZsg

  62. قانون عدد 6 لسنة 1984 مؤرخ في 3 أفريل 1986 يتعلق بالمصادقة على اتفاقية التعاون في الميدان العسكري المبرمة بتونس في 26 أكتوبر 1983 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية - Tunisie - Legal Databases, consulté le mai 28, 2025, https://legislation-securite.tn/ar/latest-laws/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-6-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-1984-%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE-%D9%81%D9%8A-3-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%84-1986-%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%82-%D8%A8/

  63. العلاقات الجزائرية الليبية - ويكيبيديا, consulté le mai 28, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9

  64. قانون رقم (90) لسنة 1972 بشأن الموافقة على اتفاقيتين بين الجمهورية العربية الليبية، والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية - Libya - DCAF Legal Databases, consulté le mai 28, 2025, https://security-legislation.ly/ar/latest-laws/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B1%D9%82%D9%85-90-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-1972-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%AA%D9%81/

  65. الحدود الذكية كآلية لمواجهة التحديات األمنية العابرة للحدود: الجزائر - ASJP, consulté le mai 28, 2025, https://asjp.cerist.dz/en/downArticle/254/8/1/214923

  66. Tensions au sud : la Mauritanie verrouille la frontière avec l'Algérie - YouTube, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=5jYQf4xUlGU

  67. Brahim Oumansour1 Algérie fAce Aux nouvelles reconfigurAtions géopolitiques : opportunités et défis, consulté le mai 28, 2025, https://academiedegeopolitiquedeparis.com/wp-content/uploads/2022/08/Oumansour_58.pdf

  68. سايكس- بيكو: سياسة التجزئة وفريضة الحلول في العالم العربي, consulté le mai 28, 2025, https://iss-foundation.com/home/theauthordet/NDUy

  69. الوطن العربي بعد 100 عام من اتفاقية سايكس - بيكو: قراءة في الخرائط ‏(*), consulté le mai 28, 2025, https://caus.org.lb/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-100-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D9%83%D8%B3/

  70. AOF, Afrique occidentale française, 1895-1959. - Digithèque MJP, consulté le mai 28, 2025, https://mjp.univ-perp.fr/constit/aof.htm

  71. Soudan français, 1880, 1920, 1946, colonisation, Digithèque, consulté le mai 28, 2025, https://mjp.univ-perp.fr/constit/ml1920.htm

  72. Mauritanie : un pays stratégique pour l'Algérie et le Maroc - IRIS, consulté le mai 28, 2025, https://www.iris-france.org/wp-content/uploads/2024/10/ObsMaghreb_2024_09_14_Mauritanie_Note.pdf

  73. Gérer les tensions entre l'Algérie et le Maroc | International Crisis Group, consulté le mai 28, 2025, https://www.crisisgroup.org/fr/middle-east-north-africa/north-africa/247-algeria-morocco-western-sahara/managing-tensions-between

  74. Géopolitique de l'Algérie. Politique, diplomatie, atouts, fragilités - Diploweb.com, consulté le mai 28, 2025, https://www.diploweb.com/Vers-une-nouvelle-Algerie.html

  75. Bernard Lugan :«Les autorités algériennes ont compris que leur combat pour le polisario était perdu» - YouTube, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=J2uwrgr7oKg

  76. Interview. Bernard Lugan: « le Sahara n'a jamais été l'Algérie parce que celle-ci n'a jamais existé - H24info, consulté le mai 28, 2025, https://h24info.ma/videos/interview-bernard-lugan-melenchon-sera-dans-une-position-difficile-au-maroc-2-2/

  77. 1. Le droit colonial : fabrique de l'Autre - Criminocorpus, consulté le mai 28, 2025, https://criminocorpus.org/en/exhibitions/lautre-aliene-histoire-juridique-de-la-folie-en-afrique-francaise/le-droit-colonial-fabrique-de-lautre/

  78. Histoire de la délimitation des frontières du Maroc - Légavox, consulté le mai 28, 2025, https://www.legavox.fr/blog/miloud-rguig/histoire-delimitation-frontieres-maroc-20530.htm

  79. www.univ-chlef.dz, consulté le mai 28, 2025, https://www.univ-chlef.dz/ratsh/la_revue_N_15/Article_Revue_Academique_N_15_2016/Science_eco_admin/Article_fr_2.pdf

  80. Délimitation et Démarcation des Frontières en Afrique : Considérations Générales et Études de Cas - Peaceau.org, consulté le mai 28, 2025, https://www.peaceau.org/uploads/au2013-fr-delim-et-demarc-des-frontieres-en-afrique-consid-et-etudes-elec.pdf

  81. Soudan français - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Soudan_fran%C3%A7ais

  82. The Berber Identity Movement and the Challenge to North African States - Amyaz, consulté le mai 28, 2025, https://amyaz.fr/uploads/66dec6727c937.pdf

  83. L'Algérie trace la ligne rouge : ni France, ni Émirats, plus de chaos à nos frontières, consulté le mai 28, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=2Ow7wipaAGc

  84. Ratification Of The African Union Convention On Cross-border Cooperation (niamey Convention) - Parliament of Kenya, consulté le mai 28, 2025, http://www.parliament.go.ke/sites/default/files/2023-06/Ratification%20of%20the%20African%20Union%20Convention%20on%20Cross-Border%20Cooperation%20%28Niamey%20Convention%29.pdf

  85. CONVENTION DE L'UNION AFRICAINE SUR LA COOPERATION TRANSFRONTALIERE (CONVENTION DE NIAMEY), consulté le mai 28, 2025, https://faolex.fao.org/docs/pdf/Au175382.pdf

  86. Arrêté n° 88 promulgant le décret du 16 octobre 1907 portant organisation d'un service d'échange des mandats télégraphiques entre La France et l'Algérie d'une part, et les Colonies, d'autre part., consulté le mai 28, 2025, https://www.journalofficiel.dj/texte-juridique/arrete-n-88-promulgant-le-decret-du-16-octobre-1907-portant-organisation-dun-service-dechange-des-mandats-telegraphiques-entre-la-france-et-lalgerie-dune-part-et-les-colonies-dautre/

  87. Accords d'Évian - Wikipédia, consulté le mai 28, 2025, https://fr.wikipedia.org/wiki/Accords_d%27%C3%89vian

  88. Décret n°62-1020 du 29 août 1962 portant publication des Protocoles, Conventions et Accords signés le, consulté le mai 28, 2025, https://www.justice.gouv.fr/sites/default/files/migrations/portail/art_pix/eci_conv_algerie.pdf

  89. Algeria: A Case Study of Decolonization and Its Implications - SURFACE at Syracuse University, consulté le mai 28, 2025, https://surface.syr.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=2450&context=honors_capstone

  90. THE ENDURING IMPACT OF FRENCH COLONIALISM IN ALGERIA - Vallis Group, consulté le mai 28, 2025, https://vallis-group.com/wp-content/uploads/2024/11/Vallis-Group-Report-French-Colonialism-in-Algeria-Report-May-24.pdf

إرسال تعليق

0 تعليقات